أخبار عاجلة

'الفساد' يضرب مجدّداً… 'صفقة' بين الحكومة وسارقي المال العام في العراق؟!

'الفساد' يضرب مجدّداً… 'صفقة' بين الحكومة وسارقي المال العام في العراق؟!
'الفساد' يضرب مجدّداً… 'صفقة' بين الحكومة وسارقي المال العام في العراق؟!
لا يقف "الفساد" عند حدود، فكما يضرب في لبنان، يتسبّب في العراق منذ عقود بأزماتٍ لا حصر لها. وفيما تواصل الحكومة العراقية إعلان مضيّها في "الحرب على الفساد"، تظهر اقتراحاتٌ جديدةٌ لـ "صفقات" من نوعٍ آخر، مع الفاسدين أنفسهم، وعلى رأسهم سارقي المال العام!

فقد اقترحت اللجنة المالية في البرلمان العراقي على حكومة مصطفى الكاظمي عقد "صفقة" مع سارقي المال العام، تقضي بإسقاط جميع الدعاوى المرفوعة ضدهم مقابل استرجاع من 80 إلى 90 بالمئة من الأموال التي سرقوها.
وقال عضو اللجنة جمال كوجر، في تصريح صحفي، إن "إعادة الأموال المنهوبة مسار صحيح ندعمه، في حال كانت هناك خطوات جدية من الحكومة إزاء هذا الملف، على أن تحمل تأكيداً فعليّاً من المتهمين بسرقة المال العام بإعادة من 80 إلى 90 بالمئة من الأموال التي بحوزتهم إلى خزينة الدولة".
وأوضح كوجر أن "إعادة المتهمين الجزء الأكبر من الأموال التي بحوزتهم، من أجل إسقاط التهم المرفوعة عليهم هي إشارة ندم يشعرون بها"، لافتاً إلى أن "الأمر يبقى مرهونا بنية المتهمين بإعادة الأموال لخزينة الدولة".

 

تشجيع للسرقة

 

 لكن النائب في البرلمان وعضو اللجنة المالية أحمد الحاج رشيد، أكد في حديث لـ"عربي21" أن "اللجنة المالية لا تتبنى مثل هذا المقترح،" قائلاً: "أنا لا أؤيد مثل هذا الطرح، لأن هذا يشجع السرق مرة أخرى على سرقة الأموال العامة أكثر وإخفائها، وبالتالي هذا تشجيع على الفساد".
وبخصوص حديث النائب كوجر، قال الحاج رشيد إن "حديثه مقتبس من مشروع قانون طرح في تونس والمغرب، لكن لا يمكن قياس العراق على هذين البلدين باعتبار أنهما ليسا دولتين غنيتين، وأن معدل ما سرق منهما لا يعادل 5 بالمئة مما سرق من العراق".
وأكد الحاج رشيد أن "مثل هذا القانون كان قد جرى مناقشته في وقت سابق بحكومة عادل عبد المهدي المستقيلة، لاسترداد الأموال المنهوبة إلى حد عام 2003، لكن لم يأخذ طريقه إلى التشريع ويصبح قانونا".
وبخصوص حجم الأموال المنهوبة من العراق، قال عضو اللجنة المالية إنه لا يوجد أرقام دقيقة، لكن ما دخل إلى البلد من مبيعات النفط أكثر من ترليون ومائتين مليون دولار، وإذا قارنا هذا المبلغ بما موجود من بنى تحتية ومشاريع، فإنك لا ترى شيئا كثيرا.
وتابع الحاج رشيد: "صحيح جزء من هذه الأموال ذهبت إلى رواتب الموظفين، لكن مجمل ما خصص للاستثمارات وقطاع الكهرباء على سبيل المثال، لم ينتج عنه سوى سرقة الأموال".

 

مليارات منهوبة

 

 من جهته، قال الخبير القانوني العراقي علي التميمي في حديث لـ"عربي21" إن "حجم الأموال المنهوبة من العراق منذ عام 2003 وحتى 2016 تقدر بنحو 500 مليار دولار"، لافتا إلى أن "جرائم الرشوة واختلاس وسرقة المال العام لا تسقط بالتقادم، وإنما يحاسب عليها السارق، والمواد القانونية تلزمه بإرجاع المال".
وأشار إلى أن "الأمر الآخر يتعلق بزمان حصول الجريمة، فإن أغلب الأموال التي سرقت وهربت إلى خارج البلد عن طريق غسيل الأموال، وتقدر بنحو 500 مليار دولار، كانت قبل تشريع قانون العفو العام رقم (27) في آب/ أغسطس 2016، الذي يقضي بإرجاع السارق للمال فقط ولا يسجن".
وتابع: "أما من ارتكب جرائم سرقة المال بعد عام 2016، سواء استغلال المنصب الوظيفي أو الإهمال، فهنا لا تسقط هذه الجرائم فهي متعلقة بالحق العام، وعلى الادعاء العام تحريك دعاوى ضدهم، لكن إذا شرع قانون خاص بالإمكان أن تسقط هذه الدعاوى مقابل تسليم المال".
ورأى التميمي أن "تشريع مثل هذا القانون لا يلائم طبيعة الجريمة والعقوبة التي تهدف إلى الردع لتحقيق العدالة الاجتماعية، لأنه لا يمكن الإفراج عن وزير مختلس للأموال، وفي المقابل يسجن شخص فقير اختلس مبلغا بسيطا وحكم 15 عاما ولم يشمله القانون، فهذا الأمر يخل بمبدأ العدالة بالقانون".
ونوه إلى أن "القانون رقم 120 الصادر عام 1994 في عهد النظام السابق كان رادعا، فهو يلزم السارق أن يعيد المال دفعة واحدة أو يقضي بقية حياته في السجن، لكن السلطات بعد عام 2003 طعنوا في القانون أمام في المحكمة الاتحادية، وأصبح للسارق الحق بتقسيط ما سرقه".

 

أزمة مالية

 

 وتكافح الحكومة العراقية لتأمين رواتب الموظفين والنفقات التشغيلية الأخرى، جراء تراجع أسعار النفط بفعل جائحة كورونا، التي شلت قطاعات واسعة من اقتصاد العالم.
ويعتمد العراق على إيرادات بيع النفط لتمويل 95 في المئة من نفقات الدولة، فيما خسرت البلاد نحو 11 مليار دولار منذ بداية العام الجاري، جراء تراجع أسعار النفط، وفقا لبيانات وزارة النفط العراقية.
وفي 24 حزيران الماضي، أقر البرلمان العراقي قانونا يتيح للحكومة اقتراض نحو 18 مليار دولار من الداخل والخارج، لسد العجز المالي في البلاد.
وجاء في نص القانون "تخويل وزير المالية الاتحادي، صلاحية الاقتراض محليا وخارجيا من خلال إصدار حوالات الخزينة والسندات والقروض المحلية".
كما يتيح القانون للحكومة أيضا "الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية والبنوك الأجنبية لتمويل النفقات العامة، على أن تخصص مبالغ القروض الخارجية للمشاريع الاستثمارية وتنمية الأقاليم المستمرة، مع مراعاة أن تكون أولوية التمويل للمحافظات الأقل تمويلا في السنوات السابقة".
وحدد قانون البرلمان الجديد، سقفا أعلى للاقتراض بـ5 مليارات دولار من الخارج، و15 تريليون دينار (نحو 13 مليار دولار) من الداخل.
وقبل ذلك، خولت الحكومة العراقية وزير المالية علي علاوي، صلاحية التفاوض وتوقيع قروض تصل إلى أكثر من مليار يورو (1.126 مليار دولار)، لتمويل مشاريع الطاقة الكهربائية في البلاد.


اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى بريكس: “العائلة” الصّينيّة… و”الجسر” الرّوسيّ