ويقول الكاتب سيث فرانتزمان، في التقرير إنّ الحكومة الإسرائيلية صادقت الأسبوع الماضي على مشروع خط أنابيب لنقل الغاز إلى أوروبا بحراً عبر قبرص واليونان.
ويقدر طول هذا الخط بـ 1900 كيلومتر، ويربط حقول الغاز الطبيعي في حوض شرق المتوسط مع الأسواق الأوروبية، وبعد سنوات من النقاش، تلقى هذا المشروع الذي تبلغ تكلفته 6 مليارات دولار دفعة قوية في كانون الثاني الماضي عقب التوقيع على اتفاقية في أثينا بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ونظيريه اليوناني والقبرصي.
وهذا المشروع المسمّى "إيست ميد" (EastMed) سيضع إسرائيل في طريق التصادم مع تركيا، التي أعلنت حقها في امتلاك جزء مهم من المساحات البحرية بشرق المتوسط، وعززت موقفها من خلال اتفاق بحري مع ليبيا، وتقوم باستكشاف الغاز وإجراء المناورات العسكرية البحرية في المنطقة، وهي خطوات زادت من التوتر مع الجار اليوناني.
علاقات متوترة
وبحسب التقرير، تشهد العلاقات الإسرائيلية التركية تدهوراً منذ سنوات، فقد جعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان دعم فلسطين من محاور سياسته الخارجية، ويستغل حزب العدالة والتنمية الحاكم كل فرصة لمهاجمة إسرائيل، وخلال ظهور تلفزيوني أخير، قال أردوغان إن إعادة "آيا صوفيا" من متحف إلى مسجد يمثل خطوة نحو تحرير المسجد الأقصى في القدس، ولطالما اعتبرت إسرائيل الدعم التركي لحركة "حماس" استفزازاً لها.
ويحذر الكاتب من أنّ الخلاف حول حقوق استكشاف الغاز ومد الأنابيب في هذه المنطقة سوف يزيد من التوتر والخطاب التصعيدي بين البلدين، ففي كانون الأول الماضي، ضايقت سفينة تابعة للبحرية التركية سفينة بحث إسرائيلية قرب قبرص، كما أن التقييم العسكري السنوي الإسرائيلي صنّف تركيا لأول مرة على أنها تمثل "تحديا".
ومن المتوقع أن ترتفع أصوات أخرى أيضا بعد الخطوة الإسرائيلية، فقد فتحت روسيا خطاً للغاز الطبيعي نحو تركيا من خلال مشروع "ترك ستريم" (TurkStream)، وهو ما سبّب قلقا في واشنطن بشأن حصول موسكو على ممر نحو أوروبا عبر تركيا.
وقد أعلنت قبرص واليونان عن قلقهما من الاتفاق الليبي التركي حول ترسيم الحدود البحرية، الذي يتقاطع مع الطريق المخطط أن يمر فيه مشروع "إيست ميد". وانخرطت فرنسا أيضا في هذا الخلاف، حيث دعا إيمانويل ماكرون الاتحاد الأوروبي لتوقيع عقوبات على تركيا، بسبب ما اعتبره خرقا لسيادة قبرص واليونان.
ويرى الكاتب أن الهدف الأساسي لإسرائيل في البحر الأبيض المتوسط هو بناء تحالف مع اليونان وقبرص، وهذا الأمر يتوافق مع مصالح ومواقف مصر وفرنسا المزعجتين رفقة الإمارات العربية المتحدة من التدخل العسكري التركي بالحرب الأهلية الليبية.
وتعبر هذه التطورات عن تحول في توجهات إسرائيل، التي لم تكن بالماضي تلعب دورا رئيسيا في مشاكل البحر المتوسط، فالبحرية الإسرائيلية لم يكن أبدا ينظر إليها على أنها أسطول بحري كبير، وهي تعتمد بشكل خاص على الغواصات والطرادات لفرض قوتها حتى خارج حدودها البحرية.
ويشير الكاتب إلى أن مشروع "إيست ميد" كان يتقدم بنسق بطيء مقارنة بمشروع "نورد ستريم" (Nord Stream)، ومشروع "ترك ستريم" وخطوط أنابيب أخرى، ولهذا السبب كانت إسرائيل مترددة بشأن الانضمام إلى اليونان وقبرص ومصر في الوقوف ضد الاتفاق البحري الليبي التركي.
لكن المشروع الإسرائيلي اليوناني القبرصي قد يتلقى دفعة قوية بعد استحواذ شركة "شيفرون" (Chevron) على شركة "نوبل إينرجي" (Noble Energy)، التي تنتج الغاز من حقل ليفياثان الإسرائيلي.
وبينما تعزز تركيا دورها في ليبيا، وتصعّد من عمليات المراقبة والتدريبات العسكرية، فإن التصادم مع إسرائيل واليونان يبدو حتميا، وسيكون هدف إسرائيل تشجيع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا أيضا على مساعدتها لإيجاد حل.
ولكن في كل الأحوال، بما أن تل أبيب قررت الدخول في هذه المياه المليئة بالخلافات والتوترات في شرق المتوسط، فإنه لا يمكنها تجنب التورط في المشاكل، وفقاً للتقرير.