مع اتساع الدور التركي في الإقليم، وتحديداً في شرق المتوسط، واحتدام الصراع على النفوذ في الشرق الأوسط، وسوريا بشكل خاص، تتصاعد التحذيرات في دولة الاحتلال الإسرائيلي من أنقرة بعد مرحلة توتّرت خلالها العلاقات التركية-الإسرائيلية. ويبدو أنّ الأمور تتجه إلى مزيد من التأزم بعد توقيع اتفاق السلام الإماراتي-الإسرائيلي ورفع الرئيس رجب طيب أردوغان السقف باستضافته قياديين في "حماس" والأنباء التي تردّدت عن منحه جواز السفر التركي لـ12 قيادياً في الحركة. ومؤخراً، اتجهت إسرائيل إلى شيطنة أردوغان ووضعته بمرتبة إيران، ففي تقرير له، نقل روجر بويز عن رئيس الموساد كوهين، قوله إنّ "تركيا في ظل حكم رجب طيب أردوغان تشكل خطراً أكبر من إيران"، مشيراً إلى أنّ هذا التصريح الإسرائيلي أُطلق قبل 20 شهراً.
في قراءته، حذّر العضو في الكنيست، دوف ليبمان، من التقارب الإيراني-التركي، متسائلاً عما إذا كان التحالف بين البلدين يمثّل خطة للسيطرة على الإقليم. واعتبر ليبمان أنّ علامات كثيرة تشير إلى أنّ تركيا تستوفي الشروط الإيرانية، موضحاً أنّ طهران- العازمة على توسيع تأثيرها في الشرق الأوسط والاقتراب من "الحدود الإسرائيلية"- اتجهت إلى البحث عن شريك جديد بعد الغارات الإسرائيلية على مواقع تابعة لها والانتكاسات التي تعرض لها لـ"حزب الله".
وفي هذا الإطار، رأى ليبمان أنّ العلامة الأولى الدالة إلى تعزيز العلاقات الإيرانية-التركية ترتبط بدعم أنقرة لـ"حماس"، مذكراً باللقاء الذي جمع أردوغان ورئيس الاستخبارات، هاكان فيدان، ورئيس دائرة الاتصال في الرئاسة فخر الدين ألطون، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالن، من جهة، ورئيس مكتب "حماس" السياسي إسماعيل هنية، ونائبه صالح العاروري، ورئيس الحركة في الخارج ماهر صلاح، وعضو المكتب السياسي للحركة عزت الرشق من جهة ثانية.
توازياً، تناول ليبمان العلاقات التجارية التركية-الإيرانية، مبيناً أنّ حجم التبادل الثنائي يزيد عن 30 مليار دولار سنوياً، وأنّ حركة السياحة ناشطة بين البلدين وتقدّر بالملاييين. كما تطرق ليبمان إلى الروابط الإثنية، موضحاً أنّ الأذريين من أصل تركي يُعتبرون ثاني أكبر مجموعة عرقية في إيران، في حين يشكّل الأكراد، وهم مجموعة عرقية ذات أصول في إيران، ثاني أكبر عرقية في تركيا.
ورأى ليبمان أنّ العلاقات شهدت تحسناً عندما بدأت تركيا العمل مع إيران وروسيا للتوصل لحل للأزمة السورية، واصطفت إلى جانب إيران وقطر لجهة الأزمة الخليجية. وتابع ليبمان قائلاً إنّ تركيا عارضت العقوبات الأميركية على إيران علناً، فيما ردّت طهران بإدانة العقوبات المالية على تركيا في العام 2018.
وأضاف ليبمان قائلاً إنّ تركيا ذهبت إلى حدّ رفض الدعوة إلى قمة وارسو في شباط العام 2019، وهي التي تمحورت حول مواجهة النفوذ الإيراني.
على المستوى الاقتصادي، لفت ليبمان إلى أنّ قيمة عملة البلديْن انخفضت أمام الدولار، مستدركاً بأنّ أردوغان أعلن هذا الشهر عن اكتشاف 320 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي قبالة ساحل البحر الأسود، في خطوة ستدخِل تركيا في "مرحلة جديدة". في ما يتعلق بإيران، أشار ليبمان إلى أنّ مجلس الأمن رفض مقترحاً أميركياً بتمديد حظر الأسلحة المفروض على طهران والمقرر أن ينتهي في تشرين الأول المقبل.
وعلى الرغم من اختلاف المواقف التركية والإيرانية في سوريا وليبيا وأرمينيا، لم يستبعد ليبمان أن يؤدي تعزيز الاقتصاد في كل من إيران وتركيا إلى مصالحة بين البلديْن، مع سعيهما إلى تمكين "محورهما الراديكالي" في مواجهة إسرائيل، "حتى في الوقت الذي تسير فيه الدول العربية الأكثر اعتدالاً على طريق تطبيع العلاقات مع إسرائيل"، على حدّ تعبيره.