وبحسب موقع لرصد السفن البحرية، فإن سفينة "أوروتش رئيس" سحبتها السلطات التركية إلى ميناء أنطاليا المطل على شرق المتوسط، مع السفينتين الحربيتين اللتين كانتا تحرسانها مثل "أتامان" و"جنكيز خان".
ولاحقا، رحب المتحدث باسم الحكومة اليونانية بعودة سفينة التنقيب التركية إلى ميناء أنطاليا، قائلا إننا "نعتبر ذلك تطورا إيجابيا".
وفي حديثه لـ"عربي21"، رأى الباحث بالشأن التركي والعلاقات الدولية، طه عودة أوغلو، أن "أنقرة أرادت بعد النتائج الإيجابية لاجتماعاتها مع اليونان في بروكسل، أن تتصدى لبعض الدول الأوروبية التي تسعى إلى تسعير الخلاف التركي اليوناني في شرق المتوسط".
فرصة للحوار
وأشار عودة أوغلو إلى أن تركيا أعلنت أكثر من مرة على لسان كبار مسؤوليها بأن الطرف المحق لا يتهرب من الحوار وطاولة المفاوضات، "لذلك يمكن قراء سحب أنقرة سفينة التنقيب في هذا التوقيت، لإعطاء الفرصة للحوار ونزع فتيل الأزمة".
ولفت إلى أن بعض الدول الأوروبية تعتقد أن إدخال تركيا في صراع عسكري مع اليونان سينهك أنقرة، ويشغلها عن بعض الملفات الإقليمية في المنطقة، معتبرا أن "الكرة حاليا في ملعب اليونان، التي عولت خلال الفترة الماضية على بعض الأوروبيين".
وتابع: "يمكن القول بعد الخطوة التركية الأخيرة، أن سياسة الضغوط التي مارستها بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا، لم تنجح في ردع أنقرة عن تحقيق التوازن في شرق المتوسط"، مشددا على أن ما يحدث في هذه المنطقة "لن يصل للمواجهة العسكرية".
ورجح الباحث بالشأن التركي أن "يكون هناك حوار دولي وأوروبي قريب، لاحتواء الأزمة"، مبينا أنه سيتم الجلوس على طاولة التفاوض، لكن هذا لا يعني أن الأزمة ستنتهي كليا خلال العام الجاري"، بحسب تقديره.
من جهته، قال الصحافي المقيم باليونان شادي أيوبي، إن "تركيا تريد أن تثبت لحلف الناتو، الذي يرعى مفاوضات تقنية بينها وبين اليونان، أنها تريد الحوار، وأنها يمكن أن تقوم بخطوات بناءة لإثبات حسن نيتها"، معتبرا أن "سحب سفينة التنقيب كان أحد شروط أثينا للبدء بمفاوضات مع أنقرة".
وأضاف أيوبي في حديثه لـ"عربي21"، أن تركيا تقول: "ها نحن نعطي فرصة أخرى للحوار بعد الفرصة السابقة، وسوف نرى رد فعل اليونان"، مبينا أن "الفرصة السابقة تتمثل في وقف عملية التنقيب التركية، التي سبقت الاتفاقية اليونانية المصرية".
الموقف اليوناني
وأكد أن الخطوة التركية تركت ارتياحا لدى المراقبين، الذين كانوا يرون أن تجديد عمل السفينة كان سيمثل ذروة التحدي بين البلدين، معتقدا أن قرار أنقرة الأخير يمثل "رسالة إلى الاتحاد الأوروبي".
وحول الموقف اليوناني، ذكر أيوبي أنه "حتى اللحظة لم نسمع عن خطوات مقابلة من ناحية أثينا، التي تعتبر أنها صاحبة المياه، ولكن ربما يجري هذا لاحقا بالتفاهم مع مسؤولي حلف الناتو"، معتقدا أن "الثمن الذي ستحصل عليه تركيا من خطوتها الأخيرة معنوي لا مادي".
وأوضح أن "تركيا تريد من خلال هذه الخطوة أن ترسخ فكرة أنها تريد الحوار، وأن تقوم بتراجعات لأجله"، متوقعا أن تتمسك كل دولة في المفاوضات النهائية بما ترى أنه حق لها من مساحات بحرية، بما في ذلك المساحات الخاصة بالثروات الطبيعية المحتملة.
وختم أيوبي بقوله: "يبدو أننا أمام طريق طويل من الضغوطات والتحديات بين البلدين، لكي يثبت كل منهما ما يعتقد أنه حقه في مياه المنطقة".
يذكر أنه عقب الخطوة التركية، أجرت رئيسة اليونان، كاترينا ساكيلاروبولو ، زيارة إلى جزيرة كاستيلوريزو "ميس" الواقعة في شرقي المتوسط، قبالة سواحل ولاية أنطاليا التركية.
وقالت الرئيسة اليونانية إن "تصريحات القادة الأتراك تضر بأجواء حسن الجوار والسلام القائمة بين الشعبين التركي واليوناني"، معتبرة أن مطالب بلادها فيما يخص جزيرة "ميس" تشكل أهمية استراتيجية عليا.
وفي كلمة أخرى لها هناك، قالت ساكيلاروبولو إن أثينا منفتحة على الحوار مع تركيا وفق القوانين الدولية.
وتصدرت جزيرة "ميس" الخلافات بين أنقرة وأثينا مؤخرا، عقب إرسال اليونان حشودا عسكرية إليها، وتبعد عن سواحل "كاش" بولاية أنطاليا 2.1 كيلومتر، بينما تصل المسافة الفاصلة بينها وبين البر الرئيسي اليوناني إلى 580 كيلومتر.
وفي موضوع متصل، أعلن رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، استعداده للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في حال تم خفض التوتر بين البلدين.
وقال ميتسوتاكيس خلال مؤتمر صحفي، إن "عودة سفينة التنقيب التركية، تعد خطوة إيجابية، ونحن مستعدون للدخول في محادثات استكشافية مع تركيا".
ونفى ميتسوتاكيس وجود خطوات لتسليح الجزر اليونانية، قائلا: "هذا الموضوع لم يناقش في المحادثات الاستكشافية ولن يناقش".
رئيس وزراء اليونان: مستعد للقاء أردوغان اذا..
أعلن رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، استعداده للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في حال تراجع مستوى التوتر بين البلدين.
وخلال مؤتمر صحفي، الأحد، على هامش منتدى "هيليكسبو" بمدينة سيلانيك اليونانية، اعتبر ميتسوتاكيس سحب أنقرة سفينة التنقيب التركية "أوروتش رئيس" بأنها "خطوة إيجابية".