فقد اتخذ شي خطوات أكثر جرأة في العديد من بؤر التوتر الرئيسية في جميع أنحاء آسيا، من بحر الصين الجنوبي إلى الحدود الصينية الهندية في جبال الهيمالايا، بالإضافة إلى التوترات مع الولايات المتحدة وأوروبا، وخاصة بعد ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان مطلع العام الجاري، واتهام عدد من الدول لبكين بمسؤوليتها عن هذا الوباء.
ومع تصاعد هذه الخلافات هذا العام مع التوترات المتجددة والمتصاعدة، زاد شي من حجم الجيش وزاد ميزانيته، تحت دعوى "حماية السيادة الوطنية والأمن ومصالح التنمية بحزم".
بحر الصين الجنوبي
يتسم بحر الصين الجنوبي، المليء بالجزر الصغيرة والشعاب المرجانية والمياه الضحلة، بأنه طريق شحن عالمي مهم وموطن لنزاع إقليمي فوضوي، وتدعي الصين أنها تمتلك فيه ما يقرب من 1.3 مليون ميل مربع، وهذا ما ترفضه ست دول مجاورة هي الفلبين وفيتنام وماليزيا وإندونيسيا وبروناي وتايوان.
ومنذ عام 2014، حولت الصين العديد من الشعاب المرجانية والحواجز الرملية في البحر إلى جزر اصطناعية ومحصنة بشدة بالصواريخ والمدارج وأنظمة الأسلحة، مما أثار غضب الحكومات الأخرى.
هذا الأمر دفع واشنطن إلى تصعيد القضية، ورفضت رسمياً مزاعم الصين باعتبارها غير قانونية، وفرضت عقوبات على عشرات الشركات الصينية لبناء الجزر الاصطناعية، كما أجرت حاملتا طائرات تابعتان للبحرية الأميركية تدريبات عسكرية مشتركة في البحر لأول مرة منذ ست سنوات في تموز الماضي، في استعراض قوي للقوة.
كل هذا أثار غضب الصين وتصاعد التوترات، وأطلقت الصين سلسلة من الصواريخ الباليستية في البحر، حيث أعلنت وسائل الإعلام الحكومية من أن "الصين لا تخشى الحرب".
تايوان
أما تايوان، التي تعد جزيرة ديمقراطية تتمتع بالحكم الذاتي ويبلغ عدد سكانها حوالي 24 مليون نسمة، وانفصلت عن البر الرئيسي للصين في عام 1949 بعد نهاية حرب أهلية دامية، تصر بكين على أنها جزءا من أرضها، وتدعي السيادة الكاملة عليها، على الرغم من أن تايوان لم تكن أبدًا تحت سيطرة الحزب الشيوعي الحاكم في الصين.
ولسنوات، حاولت بكين فرض ضغوط دبلوماسية وتجارية وعسكرية على تايوان، وتهميشها في المجتمع الدولي، على سبيل المثال، نجحت الصين في منع تايوان من الانضمام إلى الوكالات العالمية مثل منظمة الصحة العالمية.
إلا أن تصاعدت الأمور هذا الصيف، بعد أن شهدت الأشهر الأخيرة علاقة دافئة بين الولايات المتحدة وتايوان، الأمر الذي أثار حفيظة الصين، فقد زار مسؤولان أميركيان رفيعي المستوى تايوان في غضون شهرين، في عرض رمزي للدعم من قبل إدارة ترامب.
كما باعت الولايات المتحدة أيضًا 66 طائرة مقاتلة إلى تايوان في آب الماضي، وهي أكبر عملية بيع أسلحة للجزيرة منذ سنوات، وردا على ذلك، نفذت الصين سلسلة من التدريبات العسكرية وتوغلات الطائرات في المياه والمجال الجوي بالقرب من تايوان، مما يمثل تصعيدًا كبيرًا في التوترات، لدرجة أن وسائل الإعلام الحكومية وصفتها بأنها "بروفة" لضم تايوان.
وأعلنت بكين أنها تعارض بشدة أي شكل من أشكال التبادلات الرسمية بين الولايات المتحدة وتايوان، كما هدد بعض المسؤولين بفرض عقوبات على المسؤولين الأميركيين.
الهند
على جهة أخرى، يشتعل الصراع بين الصين والهند حول حدود متنازع عليها منذ فترة طويلة في جبال الهيمالايا، ويدور الخلاف حول خط ترسيم الحدود غير المحدد بدقة يسمى خط السيطرة الفعلية (LAC)، اللذان اتفقا عليه بعد خوض حرب حدودية دامية في عام 1962.
وفي تسعينيات القرن الماضي، وقعت البلدان سلسلة من الاتفاقات في التسعينيات لمحاولة الحفاظ على السلام، بما في ذلك اتفاق يقضي بعدم فتح أي من الجانبين النار في نطاق كيلومترين (1.24 ميل).
لكن الأمور ساءت هذا العام، فقد شهد شهر حزيران الماضي أكثر المواجهات دموية بين الصين والهند منذ أكثر من 40 عاما، حيث تقاتلت القوات الحدودية بين البلدين، بالقبضات والحجارة في شجار أسفر عن مقتل 20 جنديًا هنديًا على الأقل، ولم تعترف الصين بأي إصابات، واتهم الجانبان الآخر بتجاوز الحدود.
واشتد الاحتدام في سبتمبر الجاري، بعدما اتهم كل طرف قوات الطرف الآخر بإطلاق أعيرة نارية تحذيرية، ويُعتقد أنها المرة الأولى التي يتم فيها إطلاق النار على طول الحدود منذ عام 1975.
اليابان
لم تسلم اليابان من السياسة العدائية للصين، فقد ادعت كل من البلدين أن سلسلة جزر صخرية غير مأهولة في بحر الصين الشرقي هي ملكهما، تقع هذه الجزر على بعد 1200 ميل (1900 كيلومتر) جنوب غرب طوكيو، وتعرف الجزر باسم جزر سينكاكو في اليابان وجزر دياويو في الصين، وتطالب تايوان هي الأخرى بالجزر، بسبب الموارد الغنية بها.
وتزعم الصين أن مطالباتهما بسلسلة الجزر تعود إلى القرن الخامس عشر الميلادي، عندما تم استخدامها كنقطة انطلاق للصيادين الصينيين، بينما تؤكد اليابان أنها لم ترَ أي أثر للسيطرة الصينية على الجزر خلال دراسة استقصائية عام 1885، لذلك اعترفت رسميًا بها كأراضي ذات سيادة يابانية في عام 1895.
وبالرغم من أن اليابان تدير الجزر منذ السبعينيات، إلا أن المشكلة تفاقمت بشكل حاد في أيلول 2012، بعد أن اشترت الحكومة اليابانية الجزر رسميًا من مالكها الياباني الخاص، مما أدى إلى حدوث احتجاجات كبيرة لم تشهدها المدن الصينية منذ سنوات.
كما تصاعدت التوترات مرة أخرى في شهر يونيو، بعد أن أكد مشروع قانون لمجلس المدينة الياباني أن "الجزر هي جزء من الأراضي اليابانية"، وحاولت الصين الرد على ذلك، فبدأت طائرتها وسفنها تقترب من المياه الإقليمية اليابانية.
هونغ كونغ
تعتبر هونغ كونغ جزءا من الصين لكنها تتمتع بحكم شبه ذاتي خاصة في منحها حرية الصحافة والتعبير والتجمع، بالإضافة إلى قوانينها الخاصة في التجارة والسياسة والعملة، وهو ما ترفضه بكين لأنه يتعارض مع السياسة الاستبدادية للحكم الشيوعي.
وتصاعدت الأمور في حزيران الماضي، عندما اتخذت الصين إجراءات صارمة من خلال فرض قانون الأمن القومي لهونغ كونغ، متجاوزة تمامًا الهيئة التشريعية في المدينة، لم يتم الكشف عن تفاصيل القانون للجمهور حتى تم تمريره.