واقع جديد للعلاقة بين مصر والسودان

واقع جديد للعلاقة بين مصر والسودان
واقع جديد للعلاقة بين مصر والسودان

حظيت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للسودان، السبت، التي استغرقت 6 ساعات، بزخم إعلامي كبير، وذلك لتزامنها مع تطورات إقليمية ومحلية لافتة، إضافة إلى الجدل الشعبي الواسع الذي صاحب الزيارة، مما يطرح سؤالا مهما حول ما إذا كان بمقدور الحدث التأسيس لواقع جديد في العلاقة بين البلدين.

واتفق محللون ومختصون استطلع موقع “سكاي نيوز عربية” آراءهم حول أسباب ومغزى الزيارة، على أنها تأتي في توقيت مفصلي يحتاج إلى تنسيق المواقف، خصوصا فيما يتعلق بقضيتي سد النهضة والتجارة الحدودية، مما يؤدي إلى تخطي بؤر التوتر التي كانت تقف عائقا أمام تقدم العلاقة بين القاهرة والخرطوم خلال فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير، الذي أطاحته احتجاجات شعبية في نيسان 2019.

شد وجذب

ومرت العلاقة السودانية المصرية خلال العقود الستة التي تلت الاستقلال بالعديد من المحطات، وبعد سنوات من الازدهار الذي كاد أن يتوج بتكامل شامل في ثمانينيات القرن الماضي إبان عهد الرئيسين الراحلين السوداني جعفر النميري والمصري أنور السادات، تدهورت العلاقة في السنوات اللاحقة ووصلت إلى حد القطيعة التامة في أعقاب محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا عام 1995، التي وجهت أصابع الاتهام فيها إلى متشددين مدعومين من نظام البشير.

وبعد سقوط البشير في نيسان 2019، ساد العلاقة بعض الارتباك بسبب عوامل تجارية وأخرى سياسية.

لكن الفترة الأخيرة شهدت تقاربا كبيرا بين البلدين، لأسباب يتعلق بعضها بالحاجة إلى التنسيق لمواجهة التحديات المشتركة، مثل أزمة سد النهضة، أما البعض الآخر فيتعلق بتكتيكات سياسية أملتها الظروف الداخلية في مصر، ووضع المكون العسكري في الحكومة الانتقالية السودانية.

تكتيك مرحلي أم واقعي؟

 

وفيما يمضي عماد الدين حسين رئيس تحرير جريدة الشروق المصرية نحو وضع الزيارة في سياقات تنطلق من الحاجة المتبادلة لكل طرف، يشير وزير الخارجية السوداني الأسبق إبراهيم طه أيوب إلى “ضرورات ملحة” أوجبها واقع القيادة السياسية في البلدين.

ويقول حسين لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن زيارة السيسي للخرطوم “تأتي في سياق استعادة العلاقات بين البلدين وضعها الطبيعي، بعد التوتر الكبير الذي شابها خلال سنوات حكم البشير”.

ويشير حسين إلى أن سد النهضة أحد العناصر المهمة للزيارة، أخذا في الاعتبار التحولات الكبيرة التي حدثت في موقف السودان، الذي كان متعاطفا إلى حد كبير مع الموقف الإثيوبي إبان فترة حكم البشير، قبل أن تعلن الحكومة الحالية اعتراضها الصريح على ملء وتشغيل السد قبل التوصل إلى اتفاق ملزم يضمن حقوق دولتي المصب، إضافة إلى المخاطر التي يمكن أن تلحق بسد الروصيرص في حال مضي أديس أبابا بشكل أحادي نحو تنفيذ خطة الملء الثاني لبحيرة السد في يونيو المقبل.

ويعبر حسين عن أمله في أن تسهم الزيارة في “وضع أسس لعلاقات صحية سليمة بين البلدين”، معتبرا أن العلاقات بين البلدين بعد إطاحة البشير “بدت سيئة لفترة ما، وأن الحضور الإثيوبي كان أكبر خلال مرحلة التغيير الأولى”، قبل أن تتدهور العلاقة بين الخرطوم وأديس أبابا مؤخرا بسبب التوتر الحدودي.

من جانب آخر، يركز وزير الخارجية السوداني الأسبق على ربط الزيارة بالأوضاع الداخلية للحكومتين السودانية والمصرية.

ويشرح أيوب رؤيته لموقع “سكاي نيوز عربية” بالقول إن الزيارة “تأتي في ظل ظروف داخلية معقدة في البلدين، إذ يواجه السيسي تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية كبيرة في الداخل، بينما تواجه السلطات الانتقالية السودانية تحديا لردم الهوة بين الشعب والمؤسسة العسكرية”.

تنسيق مواقف

 

ووفقا للتصريحات التي أدلى بها السيسي في السودان، فمن الواضح أن الفترة المقبلة ستشهد تنسيقا بين الجانبين حول سد النهضة على الأقل، وفقا لما يشير إليه الكاتب الصحفي السوداني مأمون الباقر.

ويقول الباقر لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن قضية سد النهضة “شكلت محورا مهما في الزيارة، وأظهرت حاجة البلدين لتنسيق وتوحيد المواقف حول العديد من القضايا الإقليمية، نظرا للأهمية الاستراتيجية للسودان كعمق وبوابة لمصر للدخول إلى إفريقيا، خاصة منطقتي البحيرات والقرن الإفريقي”.

ويبدي الباقر تفاؤله حيال إمكانية تحسن العلاقة أكثر، قائلا إن “تحقيق طفرات كبيرة في العلاقة يتطلب وجود قناعة وإرادة من الجانبين بضرورة تطوير العمل المشترك”.

ويتفق الباقر مع ما ذهب إليه حسين بشأن أهمية علاقة القاهرة بالخرطوم، ويوضح: “زيارة السيسي مهمة للغاية، ويمكن للبلدين تحقيق فوائد جمة منها”.

حتمية التبادل

ورغم بعض الخلافات التي قد تظهر بين الحين والآخر بين البلدين، فإن خبراء سودانيين مثل الاقتصادي يسن حسين عضو لجنة حماية المستهلك، يؤكد أن مصر والسودان “بحاجة إلى بعضهما البعض”.

وأضاف حسين لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “هذا يتطلب وضع أسس جديدة تحكم العلاقة الاقتصادية بينهما، دون إضرار أي طرف بمصالح الآخر”.

ويرتبط البلدان بحدود برية وبحرية طويلة، ويستخدمان عدة نقاط برية ومائية مشتركة لتبادل التجارة بينهما، التي يبلغ متوسطها السنوي نحو 800 مليون دولار، ويأملان في رفعها إلى 3 مليارات سنويا خلال السنوات المقبلة.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى القطب الشمالي: نزاع جديد تتفوق فيه موسكو على واشنطن