ضغوط غربية مكثفة للتضييق على حرية التعبير ومنع تغطية فعاليات بريكس

ضغوط غربية مكثفة للتضييق على حرية التعبير ومنع تغطية فعاليات بريكس
ضغوط غربية مكثفة للتضييق على حرية التعبير ومنع تغطية فعاليات بريكس

سامر زريق نقلاً عن "إيلاف"

بعدما قدم عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين في الدول الغربية طلبات لحضور القمة الإعلامية السابعة لتكتل "البريكس"، عادوا وأحجموا عن الذهاب الى العاصمة الروسية موسكو حيث عقدت القمة، نتيجة الضغوط التي تعرضوا لها من قبل سلطات بلدانهم.

لم تقف الضغوط عند هذا الحد، بل تجاوزته لتبلغ أعتاب وسائل الإعلام الغربية، التي تجاهلت بشكل تام أعمال وفعاليات قمة "بريكس" الإعلامية. الأمر الذي يعد تقويضاً للحريات التي لطالما تغنى بها الغرب، وجعلها ذريعة لخرق سيادة الكثير من الدول والتدخل في قراراتها.

قلق غربي من "بريكس"
منذ تأسيسه وحتى يومنا هذا، يحاول الغرب، وعلى رأسه أميركا، التقليل من أهمية تكتل "بريكس" من خلال الترويج بأنه محدود الفعالية الاقتصادية، وغير ذي جدوى على صعيد الجغرافيا السياسية العالمية "الجيوبوليتيك"، وفق الكثير من التقارير في الصحافة الغربية. بيد أن الضغوطات التي تمارسها الحكومات الغربية، إن كانت لثني العديد من الدول عن الانضمام إلى الـ"بريكس"، أو على الصحفيين ووسائل الإعلام لحجب الأخبار والتقارير ذات الموثوقية عن الرأي العام، تؤكد وجود قلق عميق وجدي لدى صناع القرار في دول الغرب من تصاعد تأثير تكتل "بريكس" على الصعيد العالمي، وقيادته دول "الجنوب العالمي" من أجل صناعة التحول نحو نظام عالمي متعدد الأقطاب.

هذا القلق يترجم أيضاً في المحاولات الغربية التي لا تنتهي لعزل روسيا والصين، حيث تشكل الأولى رأس الحربة السياسي في المواجهة الجيوسياسية الكبرى التي تتوسع رقعتها يوماً بعد آخر. ضغوطات الحكومات الغربية على الصحفيين لا تقف عند حدود فعاليات "بريكس" وقممه المتتالية، من الأمن إلى الإعلام والرياضة والاقتصاد وغيرها من المجالات الفكرية والثقافية، بل تتعداها لتشمل كل الفعاليات والمؤتمرات والمنتديات التي تنظمها روسيا. أحدث الإشارات على ذلك تتمثل في الضغوطات التي مارستها الحكومات الغربية على الصحفيين ووسائل الإعلام للامتناع عن حضور "المنتدى الاقتصادي الشرقي" في مدينة فلاديفوستوك في الشرق الأقصى الروسي منذ أسابيع قليلة.

وقبلها منتدى "روسيا – العالم الإسلامي" في مدينة كازان الروسية، ومنتدى "روسيا – أفريقيا" وغيرها، حيث غابت أخبار هذه المنتديات عن وسائل الإعلام الغربية بشكل متعمد من أجل تضليل الرأي العام والإيحاء بعزلة روسيا. في الوقت الذي تعكس هذه المنتديات حجم انفتاح موسكو على مختلف الدوائر الجيوسياسية الحيوية في العالم، وتطويرها سياسات تعاون مشترك راسخة معها.

الإعلام وأدوات العلاقات الدولية
بكافة الأحوال فإن هذه الضغوطات الغربية لا يمكنها أن تحد من انطلاقة قطار "البريكس" بثقة تترجم في ارتفاع حجم طلبات الانضمام اليه، والتي سيتم مناقشتها في القمة السنوية لقادة دول الـ"بريكس" في مدينة كازان الروسية في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، حيث بلغ عددها 30 طلباً. أبرز هذه الطلبات على الإطلاق هو طلب تركيا لكونها من الأعضاء المؤسسين والبارزين لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، أهم وأقوى تكتل جيوسياسي وعسكري غربي. بالإضافة الى طلب صربيا، رغم كل المغريات التي قدمها لها الاتحاد الأوروبي للعدول عنه.

في المقابل، ورغم حجب التغطية الإعلامية الغربية عن القمة الإعلامية لـ"البريكس"، فإنها شهدت مشاركة واسعة ولافتة لمدراء مؤسسات إعلامية وخبراء وصحفيين من أكثر من 40 دولة. واللافت أن عنوان النقاش الرئيس في هذه القمة كان "دور الإعلام في العالم متعدد الأقطاب"، حيث قال أندري كوندراتشوف، المدير العام لوكالة "تاس" الروسية، المنظمة للحدث، أن "إعلام بريكس ينبغي أن يشارك بنشاط في بناء جسور الصداقة بين شعوب الدول".

وهنا لا بد من التذكير بأن واحداً من أهم المبادئ الصحفية الراسخة في عالم الإعلام هي دوره في تقديم رواية موضوعية، وتفسير واضح وصادق وخالي من التحيز السياسي لأي طرف في الأحداث الجارية، بالإضافة الى تقديم التحليلات الموضوعية والعميقة التي تساعد صناع القرار في الدول على تحديد ورسم السياسات الخارجية لدولهم بشكل أكثر موثوقية. ولأن الإعلام يعد من أبرز أدوات العلاقات الدولية، فإن الإعلام الموضوعي يدخل ضمن أشكال وأنماط العلاقات الدولية التي تعد من المبادئ التي يسعى تكتل البريكس الى تحقيقها، أجل إعادة التوازن الى النظام العالمي وتقليص تدخل الغرب في شؤون الدول الفقيرة والنامية.

إعادة التوازن المفقود
علاوة على ذلك، قال وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، في رسالة مصورة بعث بها إلى القمة الإعلامية أن "تعاون بريكس الإعلامي يتعزز باستمرار، كما يلعب دوراً مهماً في تعزيز تنمية العلاقات بين الدول، وتعميق الصداقات بين الشعوب وتعزيز الثقة والتفاهم المتبادلين". وأضاف لافروف في رسالته بأن "بريكس تعتبر آلية للتعاون متعدد الأطراف". وغمز من قناة القلق الغربي من تصاعد قوة "بريكس" وتأثيره على الصعيد العالمي بوصفه التكتل أنه "أساس النظام العالمي متعدد الأقطاب الذي هو في طور التشكيل".

ومن جانب آخر، فقد أشار عدد من مسؤولي المؤسسات الإعلامية العربية الذين حضروا القمة الإعلامية للبريكس بأن قراء الأخبار في العالم العربي مهتمون بمعرفة المزيد عن الـ"بريكس"، وعن التنوع الثقافي والمعرفي في روسيا، ولا سيما غداة انضمام السعودية ومصر والإمارات الى التكتل في العالم الماضي، والجزائر في العام الحالي.

هذا التطور بالطبع هو ثمرة الاهتمام الذي أبداه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ سنوات بتوطيد علاقات روسيا مع الدول العربية على أسس متينة، الى جانب التركيز على دول آسيا والمحيط الهادي ورابطة الدول المستقلة والقارة الأفريقية، والتي بدأت الجهود الروسية حيالها تؤتي أكلها مؤخراً. وكل ذلك يصب في نهاية المطاف في دعم الهدف الرئيسي لـ"بريكس" المتمثل بإعادة التوازن المفقود منذ قرابة ثلاثة عقود الى العلاقات الدولية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى أميركا تبرم صفقات أسلحة مع شركات تركية لتوريدها لأوكرانيا