اعتبر الباحث ديفيد ساور، وهو ضابط كبير متقاعد في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي ي إيه)، إن استضافة الرئيس الصيني شي جين بينج كلا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون في العرض العسكري الضخم في بكين، مشهد يسلط الضوء على تنامي محور يجمع بين الصين وروسيا وكوريا الشمالية.
وتابع ساور في تقرير نشرته مجلة “ناشونال إنتريست”، أن المشهد يذكر الاستراتيجيين الأميركيين بأنه، في الوقت الذي يتكاتف فيه خصوم أميركا الاستراتيجيون في الخارج، لا تزال الولايات المتحدة تعتمد بشكل خطير عليهم في سلاسل التوريد داخل أراضيها.
ويضيف أنه “لا شك أن الصين، وقد ازدادت جرأة بفعل استعراضات واضحة للوحدة الجيوسياسية مع روسيا وكوريا الشمالية، تمثل التهديد الأكبر للأمن القومي الأميركي. لذلك، يجب على أميركا أن تسعى بسرعة لتصبح مستقلة استراتيجيا عن الصين في التقنيات والسلع الحيوية، إضافة إلى تقديم منتجات بديلة قادرة على منافسة الصين”.
وشدد أن “على واشنطن أن تضمن وصولا آمنا وغير مقيد إلى المعدات والمواد المهمة، لا سيما في مجالات الاتصالات السلكية واللاسلكية وأشباه الموصلات والمعادن النادرة، والأدوية، لضمان ألا تعتمد مطلقا على الحزب الشيوعي الصيني”.
وتعتمد الولايات المتحدة بشكل واسع النطاق على الصين في قطاعات حيوية مثل الاتصالات وأشباه الموصلات والمعادن النادرة والأدوية، في وقت يشهد العالم فيه تقاربا متزايدا بين بكين وموسكو وبيونغ يانغ.
وإدراكا منها للأهمية الاستراتيجية للتقنيات المتقدمة، سعت الصين للهيمنة على قطاع الاتصالات ومعدات الشبكات. ومن خلال الشركة الصينية المملوكة للدولة “هواوي”، عمدت الحكومة الصينية إلى الحفاظ على أسعار منخفضة بشكل مصطنع، إلى جانب أساليب أخرى، بهدف إدخال معدات “هواوي” في بنى تحتية لشبكات الجيل الخامس والشبكات حول العالم.
وقامت إدارة ترامب الأولى بحكمة بحظر استخدام معدات هواوي في الولايات المتحدة، وصنفت “هواوي” شركة عسكرية صينية، وبذلت جهدا كبيرا من الوقت والموارد لإقناع الحلفاء والشركاء بخطر المعلومات الاستخبارية المترتب على استخدام معدات هواوي في شبكاتهم.
وسلطت الولايات المتحدة الضوء بشكل محق على إمكانية وجود “أبواب خلفية” قد تستغلها هواوي، وبالتالي الصين، لسرقة البيانات والأسرار.
ويقول ساور إنه مع ذلك، واصلت هواوي تعزيز موقعها كشركة تكنولوجية متقدمة ومنخفضة التكلفة مدعومة بكامل قوة الحكومة الصينية.
ولهذا السبب، كان من الضروري أن تبني الولايات المتحدة بدائل محلية قوية. وخطت الحكومة الأميركية خطوة في الاتجاه الصحيح في وقت سابق من هذا العام عندما وافقت على استحواذ شركة “هيوليت باكارد إنتربرايز” على شركة “جونيبر نتووركس”، وهو الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في يوليو بعد مراجعة لمكافحة الاحتكار من جانب الحكومة الأميركية.



