بعد إعلان أميركا الانسحاب من سوريا مؤخراً، بات يتردد الحديث مجدداً عن إنشاء "منطقة آمنة" شمالي سوريا وتحديداً شرقي الفرات، إذ أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ذلك مؤخراً خلال مكالمة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
الرئيس الأمريكي الذي يريد ضمانات بعدم المساس بحلفائه الأكراد، كان قد هدد تركيا "بتدمير اقتصادها" إذا تعرضت للمجموعات الكردية، التي تصنفها تركيا كـ"إرهابية". لكنه عاد واقترح إنشاء "منطقة آمنة"، لتوافق عليها أنقرة فوراً، في محاولة للحد من تداعيات قرار سحب القوات من شمال سوريا.
لكن تظل هناك عدة تساؤلات تبحث عن إجابة، فما هي ملامح تلك المنطقة الآمنة وحدودها وهل سيقبل الأتراك بالطرح الأميركي وينجحون بإنهاء "الإزعاج" المتكرر للتنظيمات الكردية المسلحة؟ وما رأي هذه الأخيرة في المبادرة أيضاً؟
البداية قبل عامين
في أيار 2017، وقعت كل من روسيا وتركيا وإيران في أستانا، مذكرة تقضي بإنشاء مناطق أطلقوا عليها "مناطق تخفيف التصعيد" أو ما عرف بـ"المناطق الآمنة" في سوريا، كان الغرض منها خفض التوترات العسكرية بين الأطراف المتناحرة وحماية المدنيين المقيمين فيها.
ترفض تركيا استقلال أكراد سوريا لما يمثله ذلك من خطورة على وحدة أراضيها، وعندما أعلن الأكراد في شهر آذار عام 2016، عن إنشاء منطقة فيدرالية خاصة بهم في شمال سوريا، كانت أنقرة من أول المهاجمين لهذه الخطوة.
ازداد القلق التركي عندما شرع الأكراد بدعم من واشنطن في توسيع مناطق نفوذهم، من خلال الاستيلاء على الأراضي السورية التي تمكنوا من استعادتها من تنظيم "داعش". نتيجة لذلك، يسيطر الأكراد حالياً وبشكل كامل تقريباً على جميع المناطق السورية الواقعة شرق نهر الفرات بما في ذلك الرقة "عاصمة" التنظيم المتشدد سابقاً.
بدأت القوات الكردية في السيطرة بصفة تدريجية على الحدود السورية التركية منذ 2016، مشكّلة "حزاماً كردياً"، الأمر الذي بات يمثل مصدر قلق بالنسبة للأتراك.
دفع الطموح الكردي الجيش التركي إلى تنفيذ عمليتي "درع الفرات" و "غصن الزيتون" العسكريتين، الأولى كانت في آب 2016 وطالت مناطق واسعة بريف محافظة حلب بينها مدينتا جرابلس والباب. والثانية في 20 كانون الثاني الماضي، نجحت من خلالها أنقرة في السيطرة على منطقة عفرين التابعة لحلب من تنظيم "وحدات حماية الشعب" ذراع "حزب العمال الكردستاني".
هنا ضمنت أنقرة إلى حد ما تأمين حدودها مع سوريا من العمليات العسكرية التي طالما أزعجتها كثيراً بعد إنشاء "منطقة آمنة من الأرض" كما يحلو للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تسميتها.
وازدادت العلاقات بين واشنطن وأنقرة توتراً عندما قررت أميركا، حليفة تركيا في حلف شمال الأطلسي "الناتو" استخدام الورقة الكردية لصالحها.
وأثار تطور الأحداث غضب وانزعاج الأتراك الذين اعتبروا إنشاء قوة أمن حدود كردية بدعم أميركي في كانون الثاني 2018 عملاً إرهابياً.
في الأثناء، اتفقت تركيا مع الولايات المتحدة على إنشاء خارطة طريق فيما يتعلق بمدينة منبج السورية. تتضمن قيام الأتراك برفقة الأميركيين بدوريات مشتركة في المناطق المتاخمة للمدينة. ومع ذلك، ظلت المجموعات الكردية تحافظ على وجودها هناك.
في كانون الأول 2018، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجميع بإعلانه سحب قوات بلاده من سوريا، قائلاً إن داعش هزمت ولا داعي لوجودها على الأرض بعد الآن، ليواجه عاصفة نقد قوية من قِبَل المشرِّعين في الداخل، والحلفاء الغربيين أيضاً.
هذا القرار قلب جميع الموازين في الشمال السوري، إذ إن فراغاً كبيراً سيتكون عند الانسحاب الأميركي. وعلى الفور، بدأ الأكراد بالاتصال مع روسيا وطلب وساطتها لعقد صفقة مع النظام السوري ودعوته لحمايتهم، بعد أن شعروا بـ"الخيانة" من قِبل حلفائهم الأميركيين.
منطقة آمنة.. ستكون على امتداد الحدود التركية الجنوبية
من وجهة النظر التركية، ستمتد المنطقة الآمنة على طول الحدود التركية الجنوبية وفي المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، وتحديداً بعمق 32 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، على مسافة 460 كيلومتراً، وستضم مدناً وبلدات مختلفة، تتبع للحسكة وحلب والرقة.
فعلياً، قامت تركيا بعد عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون بإنشاء مناطق آمنة تصل مساحتها إلى أربعة آلاف متر مربع في الشمال السوري، لكن أردوغان قال أكثر من مرة إن بلاده ستواصل استكمال إنشاء المناطق الآمنة، وصولاً إلى الجزء الشرقي من نهر الفرات.
وإذا نظرنا إلى هذه الخريطة المنشورة حديثاً في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، سنرى أن المناطق الزرقاء هي تلك التي تسيطر عليها تركيا بالتعاون مع قوات من فصائل المعارضة السورية ضمن مجالس محلية، في حين أن المناطق الخضراء في الخريطة شرقي نهر الفرات، هي تلك التي تسيطر عليها الوحدات الكردية، وهي التي تنوي تركيا إقامة مناطق آمنة، في الجزء الأكبر منها.
الرئيس الأمريكي الذي يريد ضمانات بعدم المساس بحلفائه الأكراد، كان قد هدد تركيا "بتدمير اقتصادها" إذا تعرضت للمجموعات الكردية، التي تصنفها تركيا كـ"إرهابية". لكنه عاد واقترح إنشاء "منطقة آمنة"، لتوافق عليها أنقرة فوراً، في محاولة للحد من تداعيات قرار سحب القوات من شمال سوريا.
لكن تظل هناك عدة تساؤلات تبحث عن إجابة، فما هي ملامح تلك المنطقة الآمنة وحدودها وهل سيقبل الأتراك بالطرح الأميركي وينجحون بإنهاء "الإزعاج" المتكرر للتنظيمات الكردية المسلحة؟ وما رأي هذه الأخيرة في المبادرة أيضاً؟
البداية قبل عامين
في أيار 2017، وقعت كل من روسيا وتركيا وإيران في أستانا، مذكرة تقضي بإنشاء مناطق أطلقوا عليها "مناطق تخفيف التصعيد" أو ما عرف بـ"المناطق الآمنة" في سوريا، كان الغرض منها خفض التوترات العسكرية بين الأطراف المتناحرة وحماية المدنيين المقيمين فيها.
ترفض تركيا استقلال أكراد سوريا لما يمثله ذلك من خطورة على وحدة أراضيها، وعندما أعلن الأكراد في شهر آذار عام 2016، عن إنشاء منطقة فيدرالية خاصة بهم في شمال سوريا، كانت أنقرة من أول المهاجمين لهذه الخطوة.
ازداد القلق التركي عندما شرع الأكراد بدعم من واشنطن في توسيع مناطق نفوذهم، من خلال الاستيلاء على الأراضي السورية التي تمكنوا من استعادتها من تنظيم "داعش". نتيجة لذلك، يسيطر الأكراد حالياً وبشكل كامل تقريباً على جميع المناطق السورية الواقعة شرق نهر الفرات بما في ذلك الرقة "عاصمة" التنظيم المتشدد سابقاً.
بدأت القوات الكردية في السيطرة بصفة تدريجية على الحدود السورية التركية منذ 2016، مشكّلة "حزاماً كردياً"، الأمر الذي بات يمثل مصدر قلق بالنسبة للأتراك.
دفع الطموح الكردي الجيش التركي إلى تنفيذ عمليتي "درع الفرات" و "غصن الزيتون" العسكريتين، الأولى كانت في آب 2016 وطالت مناطق واسعة بريف محافظة حلب بينها مدينتا جرابلس والباب. والثانية في 20 كانون الثاني الماضي، نجحت من خلالها أنقرة في السيطرة على منطقة عفرين التابعة لحلب من تنظيم "وحدات حماية الشعب" ذراع "حزب العمال الكردستاني".
هنا ضمنت أنقرة إلى حد ما تأمين حدودها مع سوريا من العمليات العسكرية التي طالما أزعجتها كثيراً بعد إنشاء "منطقة آمنة من الأرض" كما يحلو للرئيس التركي رجب طيب أردوغان تسميتها.
وازدادت العلاقات بين واشنطن وأنقرة توتراً عندما قررت أميركا، حليفة تركيا في حلف شمال الأطلسي "الناتو" استخدام الورقة الكردية لصالحها.
وأثار تطور الأحداث غضب وانزعاج الأتراك الذين اعتبروا إنشاء قوة أمن حدود كردية بدعم أميركي في كانون الثاني 2018 عملاً إرهابياً.
في الأثناء، اتفقت تركيا مع الولايات المتحدة على إنشاء خارطة طريق فيما يتعلق بمدينة منبج السورية. تتضمن قيام الأتراك برفقة الأميركيين بدوريات مشتركة في المناطق المتاخمة للمدينة. ومع ذلك، ظلت المجموعات الكردية تحافظ على وجودها هناك.
في كانون الأول 2018، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجميع بإعلانه سحب قوات بلاده من سوريا، قائلاً إن داعش هزمت ولا داعي لوجودها على الأرض بعد الآن، ليواجه عاصفة نقد قوية من قِبَل المشرِّعين في الداخل، والحلفاء الغربيين أيضاً.
هذا القرار قلب جميع الموازين في الشمال السوري، إذ إن فراغاً كبيراً سيتكون عند الانسحاب الأميركي. وعلى الفور، بدأ الأكراد بالاتصال مع روسيا وطلب وساطتها لعقد صفقة مع النظام السوري ودعوته لحمايتهم، بعد أن شعروا بـ"الخيانة" من قِبل حلفائهم الأميركيين.
منطقة آمنة.. ستكون على امتداد الحدود التركية الجنوبية
من وجهة النظر التركية، ستمتد المنطقة الآمنة على طول الحدود التركية الجنوبية وفي المناطق التي يسيطر عليها الأكراد، وتحديداً بعمق 32 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، على مسافة 460 كيلومتراً، وستضم مدناً وبلدات مختلفة، تتبع للحسكة وحلب والرقة.
فعلياً، قامت تركيا بعد عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون بإنشاء مناطق آمنة تصل مساحتها إلى أربعة آلاف متر مربع في الشمال السوري، لكن أردوغان قال أكثر من مرة إن بلاده ستواصل استكمال إنشاء المناطق الآمنة، وصولاً إلى الجزء الشرقي من نهر الفرات.
وإذا نظرنا إلى هذه الخريطة المنشورة حديثاً في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، سنرى أن المناطق الزرقاء هي تلك التي تسيطر عليها تركيا بالتعاون مع قوات من فصائل المعارضة السورية ضمن مجالس محلية، في حين أن المناطق الخضراء في الخريطة شرقي نهر الفرات، هي تلك التي تسيطر عليها الوحدات الكردية، وهي التي تنوي تركيا إقامة مناطق آمنة، في الجزء الأكبر منها.
لقراءة المقال كاملاً، إضغط هنا.