قال أستاذ لدى معهد الخدمة الخارجية التابع لجامعة جورج تاون وزميل رفيع في مركز سياسة الشرق الأوسط لدى معهد بروكينغز، دانييل بيمان، إن داعش أرعب العالم وأرهبه، عبر تنفيذه سياسة استعباد جنسي، وتبني هجمات إرهابية، ونشر فيديوهات لقطع رؤوس رهائن، فضلاً عن نشر الدعاية لقضيته عبر وسائل التواصل الاجتماعي. واشتد الخوف من أميركا، ما ساعد على دعم حملة رئاسة دونالد ترامب".
وبحسب الكاتب، يعتبر الاستيلاء على مناطق بمثابة نعمة ونقمة بالنسبة لجماعات جهادية. فمن جهة أولى، كانت الخلافة بمثابة صفارة إنذار لمن رغبوا بأن يكونوا جهاديين، واجتذب داعش عشرات آلاف المتطوعين من العالم العربي وأوروبا وآسيا الوسطى. وفرض التنظيم ضرائب على مزارعين وباع محاصيلهم، وتاجر في احتياطات نفطية استولى عليها. ومن خلال تلك الموارد استطاع بناء جيش قوي، وجنى ملايين الدولارات شهرياً، وخطط لهجمات إرهابية كالتي نفذت في باريس عام 2015، وألهم مجندين آخرين تنفيذ هجمات داخل أوطانهم.
ويرى الكاتب في أن جزءاً من نجاح داعش الأولي يرجع إلى أنه نشأ في قلب العالم العربي، حيث لفتت الحرب في سوريا اهتمام العالم، خلافاً مواقع جهادية طرفية كالصومال واليمن والقوقاز. والأهم أن الجهاديين في سوريا تحركوا بحرية أكبر خلال السنوات الأولى للصراع.
وقال الكاتب: "بعد أحداث 11/9، كانت أميركا وحلفاؤها تسارع لدعم الحكومة أينما حقق جهاديون تقدماً على المستوى المحلي. واستغل جهاديون حروباً أهلية في العراق والصومال واليمن، ودول أخرى. ولكن عبر دعم أميركا لحكومات تلك الدول، وبواسطة غارات بطائرات مسيَّرة، وسواها من الإجراءات، أمكن صد هؤلاء واحتواءهم وتشتيتهم. ولعبت فرنسا دوراً مشابهاً بعدما استولى جهاديون على معظم أراضي مالي في 2013-2012."
وكما يشير كاتب المقال، حلت الكارثة بداعش عندما تدخلت أميركا في العراق لإنقاذ أيزيديين بدأ داعش بذبحهم، وبدأ في التقدم نحو بغداد. وحاول التنظيم الدفاع عن خلافته التي قضى في سبيلها عشرات الآلاف من مقاتليه، بالإضافة لعدد من مخططيه والمسؤولين عن الدعاية.
إلى ذلك، ثبت أن أي تنظيم جهادي، وإن كان غني الموارد، لا يستطيع مواجهة قوة عسكرية كبرى كالتي جمعت بين الولايات المتحدة وحلفائها.
وبرأي الكاتب، لم ينته إغواء داعش، لكنه تراجع بحيث لم يعد يحقق انتصارات يفاخر بها أمام أنصاره. كما يطالب مجندون غربيون أمثال البريطانية شميما بيغوم، والأمريكية هدى المثنى، اللتين هربتا من بلديهما من أجل العيش في ظل داعش، بالعودة إلى أوطانهم.
وبحسب الكاتب، إن تباهي ترامب بتحقيق نصر على "داعش" سابق لأوانه. ولكن "داعش" مني بضربة كبرى، وهزيمة خلافته تعتبر نقطة تحول. فقد توقف تدفق مقاتلين أجانب، ولم يعد بوسعه، بعدما فقد معظم أراضيه، تنفيذ هجمات إرهابية دولية.
إلى ذلك، قد لا تتكرر قريباً ظروف استثنائية تسمح بازدهار الخلافة لفترة وجيزة. كما لا يرجح أن ينهض داعش مجدداً بنفس الحجم والقوة، أو أن جبهة جديدة ستظهر لتحقيق انتشاره، كما تهيأ له في سوريا.