يكثّف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جهوده من أجل ايجاد حلّ سياسيّ في سوريا، فهو الذي استضاف في 14 شباط الماضي قمة سوتشي، ها هو اليوم يطرح خطته لإنشاء مجموعة دولية جديدة تشمل الدول المنخرطة في النزاع السوري، ستتولى مهمة "الاستقرار النهائي" بعد استئصال الإرهاب في هذه البلاد.
وجاءت تصريحات بوتين تعليقاً على إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الاربعاء، بعد مفاوضات جرت بينهما في موسكو، عن اتفاق على إنشاء مجموعة عمل خاصة بسحب القوات الأجنبية من سوريا.
كواليس الاتفاق
وفي معرض تعليقه على هذه المبادرة، قال بوتين: "تكمن الفكرة في إنشاء مجموعة عمل دولية ستشمل جميع الأطراف المعنية، وبالدرجة الأولى القيادة السورية، وربما المعارضة ودول المنطقة.. جميع المنخرطين في النزاع.. وستتولى المجموعة مهمة الاستقرار النهائي بعد القضاء على جميع بؤر للإرهاب".
وأشار الرئيس الروسي الى أن هذه الخطة تنص على ضرورة سحب جميع القوات الأجنبية من الأراضي السورية واستعادة مؤسسات الدولة السورية مع الحفاظ على وحدة أراضيها.
وشدد بوتين على أن هذه المبادرة تتماشى تماما مع الموقف الروسي إزاء النزاع السوري، وطُرحت على أجندة مفاوضاته مع نتنياهو أمس.
وردا على سؤال بشأن تقييمه للوضع الحالي في سوريا، قال بوتين إن الأوضاع استقرت، وسيتم القضاء على آخر بؤر الإرهاب في هذه الدولة في القريب العاجل.
وأشار إلى أن مناطق في محافظة إدلب وشرق الفرات لم تستقر بعد، مؤكدا أنه بحث مع نتنياهو ضرورة العمل في هذا الاتجاه.
نتنياهو -بوتين: اتفاق المقايضة
وكانت صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتيّة أشارت إلى أنّ العلاقات الروسية الاسرائيلية كانت متوتّرة، قبل اللقاء الذي جمع أمس الأربعاء بوتين بنتنياهو، وهذا اللقاء يعدّ الأول منذ إسقاط طائرة روسيّة في أيلول الماضي، ويأتي مباشرةً بعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد المفاجئة الى إيران، كما أنّه يأتي قبل حوالى شهر من الإنتخابات المبكرة التي ستُجرى في إسرائيل.
وقال نتنياهو إنّ النقاط الأساسية التي بحثها مع بوتين تركزت على التعاون العسكري بين البلدين، وسوريا، وكبح النفوذ الإيراني، وقال: "سنواصل العمل حتى نُبعد الإيرانيين عن سوريا لأنّ ايران تهدد بتدمير اسرائيل".
وفي هذا السياق، علّقت الباحثة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى آنا بورشيفسكايا على اللقاء بالقول إنّ سحب القوات الأميركية من سوريا يضع إسرائيل في موقف أكثر صعوبة من ذي قبل، معتبرةً أنّ "الحليف الوحيد والحقيقي لإسرائيل في الصراع الدائر اليوم هو روسيا"، وأضافت أنّ التمنّي الإسرائيلي هو أن تتمكن روسيا من المساعدة في الحد من النفوذ الإيراني بطريقة فعّالة".
من جهة أخرى، اعتبرت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن لزيارة نتنياهو الى موسكو هدفان اساسيان، فنتنياهو يريد أن يتحدّث عن إيران في سوريا، وبوتين يريد إجراء محادثات حول عملية السلام، إذًا لكلّ طرف أجندته الخاصّة.
وكشفت الصحيفة أنّ نتنياهو أبلغ بوتين بالخطّة العامّة لبنك الأهداف في سوريا، مشددة على أن نتنياهو أراد التأكيد أنّ إسرائيل لن تسمح لإيران بتحويل سوريا الى قاعدة للهجوم على إسرائيل، أمّا ما يهمّ بوتين خلال المناقشات فكان مختلفًا، لا سيما بما يخصّ تركيا وإسرائيل، وكذلك بالهدف الإستراتيجي الذي يعمل لأجله وهو إبقاء الرئيس الروسي بشار الأسد في السلطة.
وختمت الصحيفة بالإشارة الى أنّ بوتين قدم عرضاً لنتنياهو، تمثّل بأن تساعد روسيا إسرائيل في سوريا، وفي المقابل يشارك الروس في العملية السياسية لحلّ القضية الفلسطينية.