قايد صالح وعبد القادر بن صالح رجلا اللحظة بالجزائر.. فمن هما؟

قايد صالح وعبد القادر بن صالح رجلا اللحظة بالجزائر.. فمن هما؟
قايد صالح وعبد القادر بن صالح رجلا اللحظة بالجزائر.. فمن هما؟
بتقديم عبد العزيز بوتفليقة استقالته من منصب الرئاسة، تدخل الأحداث في الجزائر منعطفاً غير واضح المعالم، وتتجه الأنظار على وجه الخصوص إلى رجلين، سرّع الأوّل في تنحي بوتفليقة، أمّا الثاني فسوف يدير المرحلة الإنتقالية.

وبتنحي عبد العزيز بوتفليقة، تقدمت شخصيتان إلى قلب المشهد الجزائري، رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح الحليف السابق لبوتفليقة الذي ضيّق عليه الخناق، والثاني عبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة الذي سيخلف الرئيس المستقيل وفق مقتضيات الدستور. الإثنان معاً سيلعبان في الأيّام القادمة أدواراً محورية ومختلفة، لكن ما يجمعهما أنّهما معاً من الشخصيات التي يريد الحراك إسقاطها.

رئيس الأركان أحمد قايد صالح
كان رئيس الأركان الجزائري الفريق أحمد قايد صالح (79 عاماً) أبرز الشخصيات التي خرجت وبقوّة مدوية من فلك بوتفليقة، داعياً إلى العودة إلى البند 102 من الدستور، ثمّ بعد ذلك الى "التطبيق الفوري" للحل الدستوري القاضي بعزل الرئيس.

الرجل الذي تولى قيادة مناطق عسكرية عدّة قبل تعيينه عام 1994 قائداً لسلاح البرّ خلال الحرب الأهلية (1992-2002) بين الجيش الجزائري والجماعات الإسلامية، عيّنه بوتفليقة قائداً للأركان في عام 2004، وذلك بعد فوز الأخير بولاية رئاسية ثانية. وجاء ذلك في وقت كان فيه أحمد قايد صالح مهدّداً بإحالته على التقاعد، لكن الرئيس الجزائري المستقيل أراد به حسب عدد من المراقبين، إزاحة الفريق محمد العماري الذي كان من المعارضين لولاية ثانية للرئيس. ومنذ ذلك الحين وإلى أنْ انطلق الحراك، ظلّ قايد صالح من أكثر المخلصين لبوتفليقة، وفي المقابل أمّن له الرئيس وسائل تحديث الجيش.

لدى عودته من باريس في تموز 2013 حيث أمضى في المستشفى 80 يوماً بعد إصابته بجلطة في الدماغ، عاد بوتفليقة الذي كان يشغل أيضاً منصب وزير الدفاع والقائد الأعلى للجيوش بموجب الدستور، ليعين رئيس الأركان هذه المرّة نائباً لوزير الدفاع.

ويؤكّد مراقبون أنّ بوتفليقة منحه هذا المنصب الوزاري مقابل دعمه في مواجهة قسم من الجهاز الأمني، الذي كان يعارض ولاية رابعة ترشّح لها بوتفليقة في 2014، أي بعد عام من إصابته بالجلطة.

الفريق صالح من جهته، ردّ الجميل لبوتفليقة حين عمل على إضعاف دائرة الإستخبارات والأمن، الجهاز الواسع النفوذ  للإستخبارات التابع للجيش، ورئيسه الفريق محمد مدين الملقب بالجنرال "توفيق" الذي أحيل على التقاعد عام 2015.

بعدما خرج الجزائريون إلى الشارع معترضين على ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة، حذّر أحمد قايد صالح "أولئك الذين يريدون جرّ الجزائر إلى سنوات الحرب الأهلية"، مشدّداً على أنّ الجيش هو "الضامن" للإستقرار. قبيل ذلك كان الفريق صالح داعماً  لترشح بوتفليقة لولاية خامسة.

بتنامي قوّة الإحتجاجات، تغيّرت نبرة رئيس الأركان نحو طابع أكثر ليونة: البداية عبر التأكيد بأنّ الجيش يتقاسم "القيم والمبادئ نفسها" مع الشعب، والنهاية عبر خطاب مفصلي فاق كلّ التوقعات، دعا فيه صالح إلى تطبيق المادة 102 من الدستور التي تؤدّي إلى إعلان عجز رئيس الجمهورية عن ممارسة مهامه بسبب المرض.

قايد صالح لم يكتف بذلك فحسب، بل إنّه حتى لم يترك للرئاسة هامشاً للمناورة، فبعد إعلان رئاسة الجمهورية أنّ بوتفليقة سيستقيل قبل انتهاء الموعد المحدّد لولايته الرابعة في 28 نيسان، جدّد قايد صالح تأكيده وجوب "التطبيق الفوري" للحل الدستوري الذي يؤدّي إلى عزل بوتفليقة. كما اتهم أشخاصاً بـ"المماطلة والتعنت" لإطالة عمر الأزمة وتعقيدها، وقال عنهم إنّه "لا يهمهم سوى الحفاظ على مصالحهم الشخصية الضيقة غير مكترثين بمصالح الشعب وبمصير البلاد".

رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح
عبد القادر بن صالح، رئيس مجلس الأمة الجزائري منذ 17 سنة والذي ينص الدستور على أن يضطلع بمهام رئيس الدولة بالنيابة بعد استقالة رئيس الجمهورية، بدوره من نتاج نظام عبد العزيز بوتفليقة.

شغل مناصب عدة، فكان نائباً وسفيراً وموظفاً وزارياً كبيراً. انتُخب نائباً في المجلس الشعبي الوطني للمرة الأولى في 1977. ثمّ أعيد انتخابه مرتين، كما تولى مسؤولية رئاسة لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس لمدّة عشر سنوات.

في 1989، غادر البرلمان ليبدأ مسيرة ديبلوماسية قصيرة، إذ عيّن سفيراً للجزائر لدى المملكة العربية السعودية ثمّ مديراً للإعلام وناطقاً رسمياً باسم وزارة الشؤون الخارجية في 1993.

في 1994، أصبح رئيس المجلس الوطني الإنتقالي (برلمان المرحلة الإنتقالية) الذي أُنشئ بعد حلّ البرلمان وإلغاء الإنتخابات التشريعية (كانون الأوّل1991- كانون الثاني 1992).

عام 1997 كان من بين مؤسسي حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي فاز في السنة نفسها بالانتخابات التشريعية، فعاد نائباً مرّة أخرى ورئيساً للمجلس الشعبي الوطني الذي تحول إلى الغرفة الأولى للبرلمان بعد إنشاء مجلس الأمة في دستور 1996.

بعد خمس سنوات، عيّنه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عضواً في مجلس الأمة ضمن "الثلث الرئاسي" في مقابلة الثلثين الآخرين اللذين يتمّ اختيار أعضائهما بالإقتراع غير المباشر. وانتقل بذلك من رئاسة الغرفة السفلى إلى رئاسة الغرفة العليا في 2002، وهو المنصب الذي يشغله إلى اليوم، والذي يجعل منه الرجل الثاني للدولة.

وبحسب الدستور، يخلف رئيس مجلس الأمة رئيس الجمهورية في حالات الوفاة أو الإستقالة أو المرض الخطير والمزمن. وكما في 2013، بعد بروز احتمال رحيل بوتفليقة عن الحكم نتيجة إصابته بجلطة في الدماغ في 2013 ومكوثه الطويل في مستشفى في باريس، حصل أخيرا جدل في الأوساط الإعلامية حول شرعية تولي بن صالح للرئاسة بالنيابة.

ويدّعي معارضوه أنّه مغربي الجنسية أصلاً وتمّ تجنيسه في سنوات 1960، وهذا مانع لتولي الرئاسة في الدستور الجزائري. لكنّ بن صالح كذّب ذلك وأكد أنه جزائري المولد والجنسية، كما جاء في سيرته الرسمية المنشورة في موقع مجلس الأمة.

وسيكون على بن صالح خلال الفترة الانتقالية تنظيم انتخابات رئاسية حساسة في بلد يشهد منذ أكثر من شهر حركة احتجاجات غير مسبوقة من متظاهرين يصرون على رحيل كل النظام الذي يخدمه وخدمه كل من أحمد قايد صالح وعبد القادر بن صالح بإخلاص.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى بريكس: “العائلة” الصّينيّة… و”الجسر” الرّوسيّ