وعلى المرشحين لمنصب رئاسة المفوضية الأوروبية أن يحصلوا على مصادقة الزعماء الأوروبيين خلال القمة المرتقبة في 20-21 حزيران المقبل، وأيضاً على أكثرية الأصوات في البرلمان الأوروبي (376 صوتاً) في منتصف تموز.
الألماني مانفريد ويبير مرشح اليمين
كما هو معروف، سيفتح باب المفاوضات بهدف اختيار رئيس جديد للمفوضية الأوروبية، بدل جان-كلود يونكر الذي ستنتهي ولايته في تشرين الثاني المقبل، في مهمة لا تبدو سهلة، إذ لا يعود قرار الإختيار في الواقع إلى البرلمان المنتخب فحسب، إنما أيضاً إلى المجلس الأوروبي، بحسب ما تنص عليه معاهدة لشبونة.
مع التذكير أنه في العام 2014، تم اختيار جان - كلود يونكر كرئيس للمفوضية الأوروبية، على قاعدة أنه قادة مرشحي أكبر تكتل نيابي في البرلمان الأوروبي. الإجراء يعرف بالألمانية بـ Spitzenkandidaten، أي ما معناه "رجل الأكثرية". وإذا تم اتباع نفس العملية في الاختيار فذلك يعني أن الألماني مانفريد ويبير هو الأوفر حظاً هذه المرة.
ولا يخفي حزب الشعب الأوروبي (يمين الوسط)، الذي حاز على 24 بالمئة من مقاعد البرلمان الأوروبي في الانتخابات، أي على نحو 180 مقعداً، رغبته في ترشيح قائده مانفريد ويبير إلى رئاسة المفوضية.
هذا بأي حال ما قاله جوزف دول اليوم، الإثنين، وهو أحد المتحدثين باسم الحزب، لوكالة رويترز للأنباء اليوم. وقال دول من دون تردد: "لقد فزنا بالانتخابات ومانفريد ويبير سيكون رئيس المفوضية".
وتدعم المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ترشيح ويبير إلى المنصب، خصوصاً وأن الحزب الذي تقوده، الاتحاد الديمقراطي المسيحي، يعتبر جزءاً من حزب الشعب الأوروبي.
ولكن فرنسا، بقيادة الليبرالي إيمانويل ماكرون، تعارض ترشيح ويبير. هي في الواقع تعارض اتباع إجراء "رجل الأكثرية"، وهذا ما ألمح إليه ماكرون في الأيام الأخيرة.
غير أنّ الفوز الذي حققه "التجمع الوطني" بقيادة مارين لوبان على الصعيد الفرنسي أمس، قد يؤثر سلباً على قدرة ماكرون في لعب دور أكبر في اختيار رئيس المفوضية الأوروبية الجديد بحسب مراقبين.
والواقع أن حزب الشعب الأوروبي، الذي كان يشكل الائتلاف الحاكم مع التحالف الديمقراطي للتقدميين والاشتراكيين (وسط اليسار) في البرلمان، هو الأخير خسر مقاعد لصالح الليبراليين والخضر.
وذلك يعني أن الحزبين الأوروبيين التقليديين سيجبران على عقد تحالفات مع الخضر والليبراليين من أجل تشكيل ائتلاف حاكم، وأن عملية اختيار رئيس المفوضية الجديد قد تكون أكثر تعقيداً.
الهولندي فرانز تيمرمانس أمل اليسار
يشغل تيمرمانس منصب نائب رئيس المفوضية الأوروبية منذ العام 2014 وهو يمثل التيار اليسار التقليدي، الذي يشهد تراجعاً في جميع أنحاء أوروبا من دون استثناء.
يعترف صاحب الأعوام الثمانية والخمسين أن مهمة الوصول إلى رئاسة المفوضية الأوروبية ستكون صعبة، خصوصاً في ظلّ ميل البرلمان والإتحاد بشكل عام إلى صالح القوى السياسية اليمينية.
ورغم أنّ تيمرمانس حقق نتيجة غير متوقعة في الانتخابات الأوروبية على الصعيد الهولندي، ووصل بالحزب العمالي إلى نتيجة ممتازة، إلّا أنّه كان المسؤول عن فرض عقوبات على بعض دول أوروبا الشرقية المنتمية إلى تجمع "فيشيغراد"، بسبب مخالفتها القوانين، خصوصاً تلك المتعلقة باللجوء، وحربها شبه الدائمة مع "الإستابليشمانت" في بروكسل.
وذلك يعني أنّ تيمرمانس نجح بصنع أعداء له، ونتيجة الإنتخابات الأوروبية في بولندا والمجر مثلاً، لا تصب في مصلحة ترشيحه أبداً إلى رئاسة المفوضية. وبذلك سيكون على تيمرمانس أن ينجح بتأمين دعم له في وسط ائتلافي برلماني حاكم، مؤلف من اليمين بشكل عام وهذه مهمة صعبة جداً.
الدنماركية مارغريت فستاغر عن الليبراليين
تترشح فستاغر (51 عاماً) عن التحالف الليبرالي الذي ساعد في مكان ما بحد خسائر الأحزاب التقليدية خلال الانتخابات الأوروبية يوم أمس. في الواقع، إن الدور الذي لعبه الليبراليون والخضر في النتيجة أسهم إلى حد كبير بكبح التقدم الذي حققه الشعبويون في إيطاليا وفرنسا وبلجيكا وبريطانيا.
والحال أنّ الأوروبيين الذي ملوا من الأحزاب التقليدية لأسباب يطول شرحها الآن، فضلوا، في مكان، ما التصويت لصالح الليبراليين، أو الخضر، حاملي راية التجديد البيئية، على التصويت لصالح الأحزاب الشعبوية. وهذه ستكون حجة قوية بيد فستاغر، يضاف إلى ذلك كونها امرأة.
وكانت عدّة دعوات قد صدرت من قبل مسؤولين أوروبيين إلى ترشيح نساء إلى مناصب كبيرة في داخل الاتحاد، خصوصاً منصب رئاسة المجلس الأوروبي والمفوضية، من أجل الوصول إلى المساواة الجندرية الكاملة.
إضافة إلى كل ما ورد أعلاه، أثبتت فستاغر أنها سيدة حديدية في المجال الاقتصادي.، وتشغل فستاغر منصب المفوضة الأوروبية للتنافسية، وهي لم تكن متساهلة أبداً مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في المسائل التجارية. وقد يكون لقب "سيدة الضرائب الأوروبية" الذي أطلقه ترامب خير تفسير لمواقفها الاقتصادية.
المفوضية الأوروبية تغرّم "غوغل" بـ1.49 مليار يورو بسبب الإعلانات
ناهيك عن أن فستاغر تتمتع بعلاقة طيبة مع الألمان وميركل، غير المهتمة بمنصب رئاسة المفوضية الأوروبية، وأيضاً مع تيمرمانس الهولندي، حيث بإمكانها البحث عن تحالف مع اليسار من دون عواقب كثيرة.
رجل الحلول: ميشيل بارنييه
يقدّر أن المنافسة على منصب رئاسة المفوضية الأوروبية ستنحصر بين المرشحين الثلاثة أعلاه ولكن الفرنسي ميشيل بارنييه (68 عاماً) قادر أيضاً على شغل منصب رئاسة المفوضية الأوروبية.
ذلك أن بارنييه، كبير المفاوضين الأوروبيين في "بريكست" لا يخفي الأمر أبداً، ثم أنه، كسياسي مخضرم، يتمتع بعلاقات طيبة في كل عواصم القرار الأوروبية تقريباً.
بارنييه هو رجل "الإستابليشمات" بامتياز، وما يميّزه عن غيره، وضعه الحالي، كسياسي لا ينتمي لحزب معين. أي أنّ بارنييه ليس مشرح أحد ولكنه قد يكون مرشح الجميع، نظراً لتاريخه السياسي العريق.
وكان بارنييه، الذي شغل منصب مفوض أوروبي مرتين، عضواً في السابق في حزب الشعب الأوروبي، وهو يعرف اليمين التقليدي جيداً. وربما لهذا السبب تحديداً حذر ويبير من وقوع الخيار عليه، بحجة أنّه لم يكن مرشحاً للإنتخابات الأوروبية.