تحت عنوان "أربعة أسس للمشروع الإيراني في سوريا"، تحدثت صحيفة "وول ستريت جورنال" في مقال للكاتب جوناثان سباير عن أربعة عناصر لما أسمته "المشروع الإيراني" في سوريا، حيث يعتبر الكاتب أنّ إخراج إيران من سوريا ليس سهلاً، "فالقوة الجوية الإسرائيلية لم تعد كافية، وحتى إذا وافقت روسيا على تولي هذه المهمة فإن قدرتها على تحقيقها لا تزال مجهولة".
ويشير الكاتب، وهو مدير مركز الشرق الأوسط للتقارير والتحليل، إلى أن "إسرائيل نفذت ما لا يقل عن 200 غارة جوية ضد أهداف إيرانية في سوريا منذ 2017، لردع إيران عن مواصلة مشروعها التوسعي في سوريا". إلاّ أنّ "المشروع الإيراني في سوريا واسع وعميق ومتعدد الأوجه، وبعض عناصره معرضة بشدة للقصف من الغارات الجوية مثل منشآت البحث، ومواقع الصواريخ والقوافل، ولكن العناصر الأخرى ليست كذلك".
واليوم، تنخرط إيران في جهد واسع يهدف إلى دمج الهياكل الخاضعة لقيادتها في الدولة السورية ذاتها، وكذلك تسعى طهران إلى إزالة أي حدود يمكن تمييزها بين العنصر الذي تسيطر عليه إيران، وهيكل السلطة المحلي، كما تعتزم إيران غرس "الدولة العميقة" الخاضعة لسيطرتها ضمن آلية الدولة السورية الحالية، حسبما ينقل الكاتب. فما هي هذه الأربعة عناصر للمشروع الإيراني؟.
العنصر الأول: يوضح الكاتب أن جهود إيران في سوريا تشمل عناصر عدة، أولها، إنشاء مجموعات مسلحة يجند عناصرها بين السوريين، وتشمل تشكيلات مثل "قوات الرضا"، و"لواء الباقر"، و"الكتيبة 313"، وجُندت هذه الهيئات ودربت على يد الحرس الثوري الإيراني.
العنصر الثاني: يقوم على إنشاء هيئات على غرار "الباسيج الإيراني"، لنظام داخل قوات أمن الدولة الرسمية في سوريا، وتُعد قوات الدفاع الوطني الهيئة الرئيسية داخل سوريا وتضم من 90 إلى 100 ألف من الجنود الأقوياء الذين جندهم الحرس الثوري، ولكنهم جزءٌ من القوات المسلحة السورية.
العنصر الثالث: توفير الدعم والرعاية وبناء التحالف داخل القوات المسلحة الرسمية السورية، وقد عمد الحرس الثوري إلى إقامة علاقات وثيقة مباشرة مع بعض العناصر الأكثر نفوذاً داخل الجيش العربي السوري.
العنصر الرابع: يكون عبر توطين الإيرانيين في المناطق التي كان يقطنها السنة السوريون، حسبما يشير الكاتب.
تنافس بين روسيا وإيران
ويلفت الكاتب إلى أن "العناصر هذه تخدم المشروع الإيراني الذي يستهدف تمكين إيران، على الأمد الطويل، من التحكم عن بعد في سوريا، ومن ثم فإن إيقاف مثل هذا المشروع لن يكون بالقصف الجوي وحده، ولذلك تأمل إسرائيل في إقناع روسيا بالمساعدة في إخراج إيران من سوريا". ويقول الكاتب إن "روسيا بالتأكيد لديها قوة ونفوذ في سوريا، حيث أن القوة الجوية الروسية أنقذت نظام الرئيس بشار الأسد من الهزيمة المحتملة في منتصف عام 2015، وبحسب مصادر سورية، يفضل بشار الأسد النفوذ الروسي على إيران، لأن موسكو تريد شريكاً مطيعاً وصغيراً، ولكن طهران لا تريد سوى دمية".
تفكيك سوريا
ويتساءل الكاتب عما إذا كانت روسيا ستتعهد بجدية بتأمين هدف إسرائيل الذي يتمثل في إخراج إيران بالكامل من سوريا، ويجيب قائلاً: "بالتأكيد لا، إذ لم تقدم إسرائيل ولا حتى واشنطن أي شيء يحفز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليضغط على حلفائه، ولا توجد أي مؤشرات على شعور بوتين بأنه مدين لإسرائيل أو الولايات المتحدة ليقوم بذلك، ومن ناحية أخرى، فإن قدرة الروس، أو حتى بشار الأسد على اقتلاع جذور الوجود الإيراني الراسخ في سوريا، لا تزال غير مؤكدة".
ويختتم الكاتب بأنه من المرجح أن تستمر إيران في تنفيذ مشروعها وتفكيك سوريا، وفي الوقت نفسه ستواصل إسرائيل غاراتها الجوية ضد العناصر الخارجية لهذا المشروع دون أن تخترق أعماقه.