في مقال نشرته صحيفة "التلغراف" البريطانية، أشار الكاتب كون كوغلين إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أظهر على مدار 16 عاما في سدة الحكم، أنه "مناور بارع" في تعامله مع الغرب. يأتي ذلك في مقابل رغبة أوروبا في الحفاظ على علاقات وثيقة مع بلد يُعتبر ذا أهمية جيوسياسية حيوية، لذلك قد نفذ أردوغان بهدوء أجندته الخاصة. لكن في وقت كانت الأولوية الأمنية الرئيسية لأوروبا تتمثل في مكافحة الجماعات الإرهابية مثل تنظيمي القاعدة و"داعش"، واصل الرئيس التركي دعم التنظيمات المتشددة مثل جماعة الإخوان، كما يقول الكاتب.
ولا يزال هناك احتمال واضح بأن العلاقة الوطيدة بين أردوغان وجماعات الإسلام السياسي يمكن أن تأتي بنتائج عكسية بطريقة كبيرة، بحسب كوغلين، حيث يقول إن "المسؤولين البريطانيين الذين يحققون في تفجير مانشستر التي وقعت في 2017 توصلوا إلى أن إحدى الجماعات المتشددة الليبية التي تتلقى الدعم التركي كانت متورطة في هذا الاعتداء".
وبينما تبدو أوروبا في موقف لا يسمح لها بالتخلي عن تركيا كحليف للناتو وتتحمل أفعال أنقرة الاستفزازية، يستغل أردوغان موقف وموقع بلاده الجيوسياسي الحيوي للتصرف دون عقاب، وهو ما دفعه للذهاب بعيدا وشراء نظام دفاع جوي روسي متطور، ونصبه على تخوم دول الحلف. ويقول منتقدو صفقة الصواريخ الروسية إن قرار أنقرة بشراء سلاح مصمم خصيصا لإسقاط طائرات الناتو، يثير تساؤلات خطيرة بشأن استمرار عضويتها في المنظمة.
وقد ظهر هذا القلق في موقف واشنطن من هذه الصفقة، حيث هددت إدارة الرئيس دونالد ترامب بإنهاء مشاركة تركيا في برنامج طائرات "إف 35"، إذا مضت قدما في صفقة صواريخ "إس 400" الروسية.
ومن المقرر أن تلعب طائرة "إف 35"، التي تمتلك تكنولوجيا متطورة، دورا رئيسيا في عمليات الناتو لعقود مقبلة، حيث تشتري العديد من الدول الأعضاء، بما في ذلك بريطانيا، أعدادا كبيرة من الطائرة الجديدة.
وأعطيت تركيا الحق في شراء 100 طائرة من هذا الطراز بسبب عضويتها في الناتو، لكن الكاتب يؤكد أن على أردوغان أن يفهم أنه لا يمكن السماح له بشراء أحدث الطائرات العسكرية الأميركية، وفي الوقت نفسه يحصل على أنظمة صواريخ روسية مضادة للطائرات تم تصميمها لإسقاطها.
"قضية خاسرة"
ويقول كوغلين إن قرار أردوغان بشراء منظومة الصواريخ الروسية يضعه في خلاف مباشر مع بقية دول حلف الناتو، الذي يرى في موسكو أبرز تهديد للأمن الأوروبي.
وعندما انضمت تركيا إلى حلف الناتو في 1952، كانت الهدف مساعدتها في حماية الجناح الشرقي لدول حلف الناتو من عدوان موسكو. لكن الآن لم يعد هذا الأمر قائما، كما يقول الكاتب، الذي دعا القادة الأوروبيين للانضمام إلى واشنطن في مواجهة حقيقة أن التعويل على تركيا في ظل حكم أردوغان هي "قضية خاسرة".