كشف موقع "ذا هيل" الأميركي أن مأزقاً خطيراً يكمن ما بين سياسة إدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب الحادة بشأن حملة "الضغط الأقصى"، وسياسة" لا مفاوضات" مع الولايات المتحدة، التي لا تقل عنها حدة، والتي يتبناها المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، معتبراً أن سبيلاً وحيداً للخروج من هذا المأزق يبدو بمثابة هزيمة للطرفين، لكنه في واقع الأمر، مكسب لكليهما.
وبحسب الموقع، إنه ينبغي على ترامب الاستفادة من قواعد اللعبة التي مارسها الفريق ريغان– شولتز في الأيام الأخيرة من الحرب الباردة.
ويلفت كاتب المقال إلى أوجه شبه كثيرة بين النظام الإيراني الحالي، وما كانت عليه الإمبراطورية السوفييتية المتداعية في ذلك الحين. فكما كان السوفييت عند انهيار نظامهم، فإن إيران ضعيفة اقتصادياً، ويدير نظامها المتصلب رجال في السبعين، ويوجه ذلك النظام لكمات تفوق وزنه الدولي. ونظراً لبلطجته بحق شعبه والمجتمع الدولي، وإحجامه عن تقبل هزيمة تبدو أكثر وضوحاً، ما لم يسوقها كانتصار إيديولوجي للداخل الإيراني ولوكلائه أيضاً.
وباعتقاد الكاتب، استندت عبقرية استراتيجية شولتز – ريغان للاعتراف بهذه الحقائق، وابتكار سياسة لم تقم على التباهي بإنجازات الولايات المتحدة، أو في إذلال "امبراطورية الشر"، حتى لو قبلت تلك الإمبراطورية بإجراء تراجع خطير بشأن قضية ما.
وفي الإطار التاريخي لتلك السياسة كانت استراتيجية الاحتواء التي وجهت السياسة الأميركية تجاه الاتحاد السوفييتي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وتبعاً لتلك السياسة، كان من شأن الاتحاد السوفييتي أن يزول بسبب عجزه وقصوره، لذلك، كان على الولايات المتحدة أن تواجه التوسع العنيد للنظام، لكن بالاعتماد على صبر استراتيجي بهدف جعله ينتهي حتماً تحت وطأة عدم كفاءته. وفي ذلك الوقت، لم تغض الولايات المتحدة الطرف عن تجاوزات النظام لحقوق الإنسان.
ويرى كاتب المقال أن النهاية الناجحة للحرب الباردة كانت، إلى حد كبير، نتاج هذه الحكمة والصبر الاستراتيجي. وقد سمحت سياسة ريغان -شولتز للسوفييت بالإعلان عن انتصارات وهمية داخل البلاد، فيما قدما تنازلات خطرة في مجالات رئيسية.
وحتى الوقت الحالي، وباستثناء إعلان الرئيس ترامب عن استعداده للتفاوض مع إيران دون شروط، غالباً ما تبدو إدارته تتبع سياسة لا تقوم فقط على ممارسة أقصى ضغط، بل أقصى إذلال. ومن المؤكد أن الفشل سيكون مصير تلك السياسة.
ويرى الكاتب أن فرض أقصى ضغط تطبيق غير حكيم يمكن أن يولد كارثة من أكبر قدر.
وكان إسقاط طائرة دون طيار اقتربت بشكل خطير من قارب أمريكي( قالت الولايات المتحدة أنه كان إيرانياً، ولكن طهران نفت ملكيته) ليس سوى أحدث مظهر لمخاطر الوضع.
وباعتقاد الكاتب، من الواضح أن إيران ترغب في التفاوض، ولكن فقط في حالة السماح لها بتسويق هذا التفاوض لقاعدتها المتضائلة في الداخل، ولوكلائها الإقليميين على أنه انتصار لسياسة المرشد الأعلى "الحكيمة"، سياسة" المقاومة" و"لا للتفاوض".
ويشير الكاتب إلى أنه عندما قبلت إيران بالاتفاق النووي، أو JCPOA، كان ذلك، حسب معظم الخبراء، تراجعاً كبيراً عن برنامج إيران النووي. وقد وقع خامنئي على مضض على الاتفاق، وسعى دوماً لإبعاد نفسه عنه بما يكفي للمحافظة على سياسة الإنكار. واسترجع سير مرجعيات إسلامية لإضفاء الشرعية على قراره، واصفاً تراجعه بأنه "مرونة بطولية". ( كما اعتاد السوفييت على الاسترشاد بقداسة لينين لإضفاء الشرعية على تنازلاتهم أو هزائمهم". ولكن بعد ذلك، بدا خامنئي شديد العداء للولايات المتحدة، وأعلن أنه على الرغم من JCPOA، فقد منع إجراء مزيد من المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة.
ويرى كاتب المقال أن لأمريكا صقورها، الذين يثيرون تفاؤلاً غير واقعي بشأن قدرتهم على تنفيذ ضربات محدودة نوعية ضد إيران، فضلاً عن سياسة "الضغط الأقصى" ضد الاقتصاد، بما يؤدي لانهيار النظام وحتى يسمح لهم لاختيار خلفاء له.
ومن جانب آخر، وحسب الكاتب أيضاً، يتوهم متشددون في الجمهورية الإسلامية بأن عدم رغبة ترامب في خوض عمل عسكري مع إيران يرجع "لخوفه" من قوة إيران العسكرية؛ ويتفاخرون، وربما يعتقدون، بوقوف الله إلى جانبهم في حرب كتلك. إنهم يعتقدون بقدرة النظام على تنفيذ حرب استنزاف غير متكافئة، ويتم توسيع نطاقها بمساعدة وكلاء إقليميين – الدرع الوحيد لإيران ضد احتمال غزو أميركي(أو أميركي – إسرائيلي).
ويختم الكاتب أن رؤية المتشددين الإيرانيين خاطئة كما هي معتقدات صقور أميركا.