بعد الإتفاق الذي حصل بيت الولايات المتحدة وتركيا على إنشاء مركز عمليات مشترك "لتنسيق وإدارة تأسيس منطقة آمنة" في شمال شرق سوريا، تحدث موقع "جاست سيكورتي" في مقال له عن آفاق المنطقة الآمنة في سوريا وتداعياتها على الوضع في هذا البلد وعلى مجمل العلاقات الأميركية-التركية.
وأشار الموقع الى أن الهدف من "المنطقة الآمنة" الجديدة أن تصبح "ممر سلام" يسمح بإعادة اللاجئين السوريين من تركيا إليها.
وبينما ثمة مخاطرة كبيرة من أن الترتيب الجديد سيؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة متقلبة أصلاً وإلى تهديد حياة ملايين الأشخاص، فإن هناك تخوفاً من أن لا تركيا ولا الولايات المتحدة قد تلتزمان بشكل كامل بواجباتهما الإنسانية لتوفير سلامة ورفاهية الأشخاص الذين يعيشون ضمن حدود "المنطقة الآمنة".
وأضاف الموقع أنه على عكس بعض تقارير وسائل الإعلام، فإن فكرة إنشاء "منطقة آمنة" في شمال شرق سوريا لم تنبع من أفكار الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ومن الممكن تتبع الاقتراحات التركية التي أُطلقت في تشرين الثاني 2011. وعلى رغم أن "المنطقة الآمنة" الأخيرة لم تكتمل تفاصيلها بعد، يبدو أن إنشاء هذه المنطقة يمضي إلى الأمام. وتبدو لافتة السرعة التي يعتزم ترامب من خلالها إنشاء التسهيلات والمنطقة نفسها، إذا أخذنا في الاعتبار امتعاضه السابق من هذه الفكرة. إلا أن التفاصيل الأساسية لا تزال غامضة لما أعلنت عنه إدارة ترامب من "آلية أمنية".
وتساءلت حول ما يعرف عن المنطقة المقترحة؟. ويفترض بعض التقارير أن الهدف منها هو إنشاء منطقة خالية من وحدات حماية الشعب الكردية وأسلحتها الثقيلة ومنشآتها العسكرية تحت رقابة أمريكية-تركية مشتركة. وبعد إفراغ المنطقة من وحدات حماية الشعب الكردي، يفترض أن تتمثل الخطوة التالية بإعادة توطين 3.8 ملايين لاجئ سوري موجودين في سوريا، في هذه المنطقة.
وتعتبر وحدات حماية الشعب مكوناً رئيسياً في قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبر الحليف المحلي الأساسي للولايات المتحدة في القتال ضد تنظيم داعش. وتسيطر وحدات حماية الشعب على المناطق التي ستقام فيها "المنطقة الآمنة". وتجدر الإشارة إلى أن تركيا تعتبر وحدات حماية الشعب نسخة سورية عن حزب العمال الكردساني الذي تصنفه أنقرة وواشنطن على لائحة التنظيمات الإرهابية. ولطالما انتقدت تركيا الدعم الامريكي لوحدات حماية الشعب في سوريا.
ولاحظ الموقع أن إقامة "المنطقة الآمنة" يتزامن مع توتر يخيم على العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة. وتتطلع إدارة ترامب إلى فرض عقوبات على تركيا لشرائها صواريخ إس-400 الروسية المتطورة، وذلك بعدما منعت واشنطن الأتراك من المشاركة في برنامج انتاج الطائرة إف-35 الأمريكية المتطورة. وفي الوقت نفسه تنفذ أمريكا انسحاباً لجنودها من سوريا. وهذه خطوة يبررها الإعلان عن هزيمة "داعش". وإنشاء "المنطقة الآمنة" يعني أن الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية سيخضع لإعادة النظر.
ولفت الموقع إلى أن القلق الذي يساور وحدات حماية الشعب يتلخص في أنه نتيجة لانسحاب هذه الوحدات لمصلحة "المنطقة الآمنة"، فإن ذلك سينشئ فراغاً أمنياً قد يستفيد منه "داعش". وهذه مخاطرة لا يمكن الولايات المتحدة القفز فوقها. وتتزايد التقارير عن استعادة التنظيم الجهادي لقوته. ومع التقلص السريع للوجود العسكري الأمريكي في سوريا، وتحويل بعض القوات لإدارة "المنطقة الآمنة" مع تركيا، فإن ذلك من شأنه أن يحول تركيز ما تبقى من القوة الأميركية في سوريا عن محاربة "داعش"، لكن بثمن باهظ.