تواجه منطقة شمال شرق سوريا تحديات كثيرة، مع بدء خروج الأكراد السوريين من الشريط الحدودي المحاذي للحدود التركية، أقلّها، أين تتوقف المطالب التركية؟
بحسب أكثر من مصدر في العاصمة الأميركية لـ"العربية:، لا تقبل تركيا بأي جيب كردي داخل الأراضي السورية، وقد أكدت أنقرة أكثر من مرّة للأميركيين أنها لا تريد تكرار تجربة كردستان العراق، خصوصاً أن تركيا ترى الأكراد السوريين على أنهم "فصيل" من حزب العمّال الكردستاني، وتصنّفهم أنقرة تنظيماً إرهابياً ولا تريدهم أن يسيطروا على أي بقعة في أي مكان.
جاءت هذه التأكيدات خلال لقاءات ومفاوضات نائب المندوب الدائم لمحاربة داعش وليم روبوك مع قيادات وحدات الحماية الشعبية وقوات سوريا الديموقراطية.
مواجهة المطالب التركية
سيجد الأميركيون أنفسهم عند ذلك أمام تحدّ أكبر وهو المحافظة على الجيب، ومواجهة إيران ومنع عودة "داعش" والنظام السوري إلى هذه المنطقة.
أكدت مصادر "العربية" أن الأميركيين وأعضاء في التحالف، وخلال الأسابيع والأشهر الماضية، حاولوا وضع خطط لشنّ هجمات غرب النهر ضد عناصر من الحشد الشعبي العراقي الموالين لإيران، ولقطع الطريق الذي يستعمله الإيرانيون والمجموعات التي يدعمونها لنقل الأسلحة من طهران إلى النظام السوري.
قطع الطريق السريع
لم تنجح هذه المحاولات حتى الآن، وبحسب مصادر "العربية" لأن الأكراد السوريين تلكأوا، ثم تلقّوا وعوداً بأن الأميركيين ودول التحالف لن تطلب منهم مواجهة إيران أو النظام السوري.
ناقش أعضاء التحالف خيار تشكيل قوة ضاربة من السنّة السوريين من أهالي هذه المنطقة، خصوصاً أبناء دير الزور، ومساعدتهم لشنّ هجوم جنوب المدينة وقطع الطريق الدولي أو طرد عناصر الحشد الشعبي العراقي الموالين لإيران.
واجهت هذه الفكرة تحديات إضافية، ليس أقلّها أن الأميركيين سيرعون بذلك قوّة تتخطّى حدوداً، وهذه الحدود رسمها الأميركيون مع روسيا منذ تدخّل الروس عسكريا لصالح النظام، وكان توافق الدولتين قائم على أن يبقى الأميركيون وحلفاؤهم شرق النهر، فيما يتحرّك الروس وحلفاؤهم غرب النهر.
وتؤكد مصادر "العربية" أيضاً أن الأتراك أكدوا للأميركيين أنهم ليسوا طرفاً في سياسة ترامب لمواجهة إيران وهم معنيون بإعادة النازحين من أراضيهم إلى سوريا، ومعنيون بحرمان الأكراد السوريين من إنشاء كيان تصل عدواه إلى تركيا.
استراتيجية ترامب
تؤكد مصادر الإدارة الأميركية الآن، أن جهودها منصبّة على تثبيت منطقة "شمال شرق سوريا" وستمنع واشنطن تركيا من التسبب بانهيار هذه المنطقة.
كما أن إدارة ترامب تسعى بجدّ إلى إبقاء الشركاء في التحالف منخرطين في العمل الميداني إلى جانب قوات سوريا الديموقراطية وإلى جانب العسكريين والدبلوماسيين والمستشارين الأميركيين، وقد نجح الأميركيون في جذب الفرنسيين والبريطانيين للعمل على الأرض، كما أن الأميركيين سيعمدون، وإلى فترة طويلة، إلى توفير ملايين الدولارات لإعادة بناء المنطقة، وضمان استمراريتها في شبه حكم محلي، وستكون القوى المنتشرة في هذه المنطقة "جبهة المعارضة" التي سيضطر النظام السوري للتفاوض معها، حين يأتي وقت المفاوضات.