وأوضح التقرير أنّ مشروع ستارلينك يضم حاليا 62 قمراً صناعياً تدور في مدار حول الأرض، فيما تسعى "سبيس إكس" لإطلاق 12 ألف قمر صناعي لتوفير خدمة الإنترنت السريع للعالم أجمع، متوقفاً عند الحادثة التي ضجّ فيها الإعلام في شباط 2009 عندما اصطدم قمران صناعيان للاتصالات، أحدهما أميركي والآخر روسي، في الفضاء.
زحمة في الفضاء
وفي أوّل تعليق لوكالة "إيسا" بعد تغير مسار القمر الصناعي، أشارت في تغريدة لها إلى أنّه "مع ازدياد عدد الأقمار الصناعية في المدار، سيصبح من الضروري تكليف الذكاء الصناعي مهمة تجنب حوادث الاصطدام" في الفضاء.
وتقدم هذه التغريدة "تحذيرا"، بشكل أو آخر، مما يوجد في الفضاء المحيط بالأرض من أقمار صناعية ومخلفاتها وبقاياها وحطامها.
ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي UNOOSA، فإنه منذ بداية عصر الفضاء وإطلاق الاتحاد السوفيتي السابق القمر الصناعي "سبوتنيك 1" حول الأرض، وحتى الآن، تم إطلاق ما مجموعه 8378 قطعة في الفضاء، غير أن حوالي نصفها انتهى أجله وتحطم.
ووفقا لمؤشر الأجسام المطلقة في الفضاء الخارجي، الذي يحتفظ به مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي، هناك 4635 قمرا صناعيا تدور يوميا في مدار حول الأرض؛ بزيادة قدرها 8.91 في المئة مقارنة بالعام الماضي.
هذه الأرقام تشير إلى أن هناك الكثير من القمامة في الفضاء، وفي المستقبل القريب ستتحول الأقمار الصناعية إلى حطام يشكل خطر متزايدا على الفضاء والأرض على السواء.
البقايا والحطام
وتختلف الأرقام المتعلقة بمخلفات وبقايا وحطام المركبات الفضائية والأقمار الصناعية المنتشرة في الفضاء المحيط بالأرض، لكن من ناحية المبدأ يعتقد أنه يوجد نحو 23000 جسم أو قطعة يبلغ قطرها 10 سنتيمتر أو أكثر، ويتتبعها الجيش الأميركي بنشاط، فإذا كانت هذه القطع أو الأجسام ستصطدم مع قمر صناعي، فإنه تتوافر لديه القدرة على تدميرها.
أما البقايا والحطام التي يتراوح طولها بين 1 و10 سنتمترات، فيصعب رصدها وتتبعها، ولكن التقديرات تشير إلى وجود حوالي 500000 قطعة أو جسيم أو أشياء من هذا القبيل، وبالنسبة للأجسام التي يقل حجمها عن سنتيمتر واحد فلا توجد طريقة موثوقة لتتبعها وقد يصل عددها إلى ملايين.
وفي هذا الشأن، تقول رئيسة برنامج الفضاء النظيف، التابع لوكالة الفضاء الأوروبية، لويزا إينوسنتي إن "الوضع حرج" في الفضاء، وأنه إذا "واصلنا إلقاء الزبالة في الفضاء الخارجي، فقد تصبح المدارات بأكملها غير صالحة للاستخدام للأقمار الصناعية"، ما قد يهدد مستقبل السفر إلى الفضاء.
أنواع الأقمار الصناعية وأغراضها
منذ بداية غزو الفضاء بإطلاق الاتحاد السوفيتي للقمر الصناعي العسكري "سبوتنيك 1"، صعّدت الولايات المتحدة من نشر الأقمار الصناعية العسكرية التي تخصصت بأعمال عسكرية مختلفة أبرزها التجسس.
لكن اعتبارا من كانون الأوّل 2018، بلغ عدد الأقمار الصناعية العسكرية أو ذات الاستخدام المزدوج حوالي 320 قمرا، تمتلك الولايات المتحدة وحدها نصفها تقريبا وتليها روسيا والصين والهند.
وبحلول نهاية تشرين الثاني الماضي، اتضح أنّه يوجد 777 قمرا مخصصا للاتصالات، و710 أقمار لمراقبة الأرض، و223 قمرا للتطوير التكنولوجيا، أما عدد أقمار الملاحة وتحديد المواقع فبلغ 137 قمرا، مقابل 85 قمرا لمراقبة الفضاء، وفقط 25 قمرا لعلوم الأرض.
العودة إلى عسكرة الفضاء
في شباط الماضي، اتخذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطوة جديدة نحو عسكرة الفضاء تتمثل بإنشاء قوة فضاء أميركية، كفرع جديد من فروع القوات المسلحة مخصص للتعامل مع التهديدات في الفضاء، واعتبر الرئيس الأميركي أن هذه القوة تمثل أولوية للأمن القومي.
ووقع ترامب ما يسمى بـ"الأمر الرابع" لسياسة الفضاء، والذي يضع الأساس لمبادرة تشريعية يمكن أن تؤدي إلى إنشاء قوة فضاء كفرع جديد للقوات المسلحة مماثلة لقوات المارينز.
وتوجه المذكرة وزارة الدفاع إلى "حشد مواردها الفضائية للردع والتصدي للتهديدات في الفضاء" من خلال إنشاء القوة التي ستكون جزءا من القوات الجوية، وذلك وفق مسودة اطلعت عليها رويترز.
وفي خطوة مثيرة تجاه "عسكرة الفضاء" في أواخر آب - وهو الحدث الثاني المهم - أعادت واشنطن تأسيس "القيادة الفضائية الأميركية" لتكون الذراع العملية للجيش الأميركي في الفضاء.
وقال ترامب، في حفل في البيت الأبيض "هذا يوم تاريخي.. القيادة الفضائية سوف تردع بجرأة العدوان وتتفوق على منافسي أميركا إلى حد بعيد"، مضيفا أن "الفضاء لن يكون مهددا أبدا"، وأن القيادة الجديدة ستتولى الدفاع عن المصلحة الحيوية لبلاده في الفضاء.
وعلى الفور، انتقدت روسيا الخطوة الأميركية وحذرت من عسكرة الفضاء الخارجي، وقالت إنها ستضطر للرد على التهديدات المحتملة بتدابير وإجراءات متطابقة.
وقالت موسكو إن واشنطن تقوم من خلال إنشاء القيادة العسكرية الجديدة بوضع الأسس اللازمة لعسكرة الفضاء واستخدامه في تحقيق أغراضها العسكرية.
ولا شك أن محاولات ترامب "الفضائية" هذه تعتبر امتدادا للمبادرة العسكرية التي أطلقت في ثمانينيات القرن الماضي، إبان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، والتي أطلق عليها اسم "مبادرة الدفاع الاستراتيجي"، والتي صارت تعرف لاحقا باسم "حرب النجوم".