أثارت المكالمة الهاتفية التي أجراها الرئيس الأميركي مع نظيره الأوكراني وسربت تفاصيلها، تساؤلات عدد من المتابعين بشأن الأشخاص المخول لهم الاستماع لهذا النوع من الاتصالات السرية، وكيف يجري التحضير لها مسبقا.
وتفجرت هذه القضية بعد شكوى قدمها رجل يعمل في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، يوم 12 آب، تم كشف مضمونها هذا الأسبوع.
ويقول الرجل، الذي لم تكشف بعد هويته، إنه لم يكن شاهدا مباشرا على المحادثة الهاتفية بين الرئيسين الأميركي والأوكراني، وإنما علم بها "في إطار العلاقات المنتظمة بين وكالات الاستخبارات".
وفي أعقاب هذه التطورات، طرح متابعون علامات استفهام بشأن مدى سرية المكالمات التي يجريها ترامب مع زعماء ومسؤولي الدول، إلى حانب التحضيرات التي تسبقها.
قبل إجراء أي مكالمة مع قائد أجنبي، يتم الترتيب لـ"جلسات إحاطة" يشارك فيها مسؤولون من مناصب مختلفة، وذلك بهدف إطلاع الرئيس على كل التفاصيل التي تخص موضوع المكالمة.
ومنذ وصوله إلى كرسي الرئاسة، يستعين ترامب بمسؤولين من مناصب مختلفة وبخبرات متفاوتة، لإحاطته بالمستجدات "على عجل" وقبل فترة قصيرة من إجراء المكالمة.
من يستمع لمكالمات ترامب؟
أفاد موقع "يو إس إيه توداي" الأميركي إن التقاليد في البيت الأبيض تقضي بجلوس مسؤولين من مجلس الأمن القومي إلى جانب الرئيس خلال إجرائه أي مكالمة هاتفية.
وتابع: "هناك على الأقل عضوان من مجلس الأمن القومي يكونان دائما حاضرين إلى جانب الرئيس"، مضيفا: "كما يوجد في غرفة مجاورة داخل البيت الأبيض مسؤولون آخرون تسند لهم مهمة الاستماع للاتصالات وتدوين الملاحظات". وتُعرف ملاحظاتهم بأنها "مذكرة محادثة هاتفية".
وفي حالة زيلينسكي، تقول الشكوى إن 10 أشخاص كانوا يستمعون لاتصاله مع ترامب.
ويتم كذلك الاستعانة بأجهزة الكمبيوتر لتحويل مكالمات الرئيس مع القادة الأجانب إلى "نص كتابي"، حسب ما أوضح مسؤولون سابقون في "المكتب البيضاوي".
وأشاروا إلى أنه بعد نهاية المكالمة، يتم إجراء مقارنة بين الملاحظات التي دونها المسؤولون والنص الذي سجله الكمبيوتر، قبل دمجها في وثيقة واحدة.
كيف يتم تصنيف المكالمات السرية؟
يقرر المسؤولون، الذين يعملون في مكتب السكرتير التنفيذي لمجلس الأمن القومي، مستوى تصنيف "الوثيقة" التي تحتوي على تفاصيل المكالمة.
ففي حال كان النص المكتوب يشمل معلومات يمكن أن تعرض الأمن القومي أو حياة الأفراد للخطر، يتم تصنيف "الوثيقة" على أنها "سرية للغاية"، ليجري بعد ذلك حفظها في مكان آمن.
تعني أن الوثيقة لا يمكن أن يطلع عليها كل المسؤولين الحكوميين، وفق موقع "يو إس إيه توداي".
وأوضح المصدر أن إصدار هذا التصنيف يعني أن فقط الأفراد الذين يتمتعون بأعلى مستوى من التصريح الأمني، يمكنهم رؤية ومراجعة الوثيقة، وفي الغالب أولئك المقربون من الرئيس.
هل يواجه ترامب خطر العزل بعد "المكالمة الفضيحة"؟
بمقتضى الدستور يمكن عزل الرئيس إما "للخيانة أو تقاضي الرشوة أو لارتكاب أي جريمة كبرى أخرى أو جنحة".
إلا أن عملية العزل هذه تتطلب مسارا طويلا، يبدأ بتوجيه اتهامات للرئيس، ثم إطلاق "بنود المساءلة"، قبل إجراء محاكمة لتحديد ما إذا كان الرئيس مذنبا أم لا.
وفي مثل هذه المحاكمة يقوم أعضاء مجلس النواب بدور الادعاء وأعضاء مجلس الشيوخ بدور المحلفين، على أن يرأس جلسات المحاكمة كبير القضاة في المحكمة العليا الأميركية.
ويقول مراقبون إن العقبة الوحيدة أمام المضي قدما في عزل الرئيس هي في توزيع المقاعد داخل مجلس الشيوخ، حيث يحتل الجمهوريون 53 مقعدا مقابل 45 للديمقراطيين، بالإضافة إلى عضوين مستقلين يصوتان في العادة مع الديمقراطيين.
وتتطلب إدانة الرئيس وعزله موافقة 67 عضوا، ولذا فإن عزل ترامب من منصبه في حالة المساءلة يستلزم موافقة 20 عضوا جمهوريا، إضافة إلى جميع الأعضاء الديمقراطيين والعضوين المستقلين.