وأوضحت القناة "12" الإسرائيلية في تقرير لها مساء الخميس، أن الخطة تنص على أن "السيادة الإسرائيلية الكاملة في جميع أنحاء القدس، ضم إسرائيل جميع مستوطنات الضفة الغربية، وعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين"، بحسب موقع "تايمز أوف إسرائيل".
ويُعتبر الأردن أحد المتضررين من هذه الصفقة إذا تم إعلانها بالبنود التي تم الكشف عنها.
وجاء الرد الأردني على لسان رئيس وزرائه عمر الرزاز ووزير خارجيته أيمن الصفدي، حيث أكد الأول بأن ثوابت بلاده واضحة تجاه القضية الفلسطينية، وتترجمها "اللاءات الملكية الثلاث" حول التوطين والوطن البديل والقدس المحتل.
وشدد الرزاز، خلال تصريحات صحافية نقلتها وكالة الأنباء الأردنية "بترا" على رفض بلاده لأي إجراءات أحادية، تستهدف تغيير الوضع القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وقال الرزاز: "هناك إجماع وطني أردني بين القيادة والشعب على الثوابت الوطنية التي لا يستطيع أحد اختراقها"، مؤكدا أن من المهم "أن نحصن أنفسنا سياسيا واقتصاديا، ونبني منعتنا الوطنية، ونكون سدا منيعا في وجه أي محاولة للمساس بوضعنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي".
من جهته، نفى الصفدي اطلاع الأردن على تفاصيل خطة السلام الأميركية، أو ما تعرف إعلاميا بـ"صفقة القرن". وقال الصفدي خلال اجتماعه والناطق باسم الحكومة أمجد العضايلة، مع كتاب وصحافيين أردنيين: "ما يشاع عن نية الأردن إلغاء قرار فك الارتباط بين الضفتين لا أساس له من الصحة، ولم يعرض للنقاش بتاتا".
واعتبر الصفدي كل ما ينشر عن صفقة القرن مجرد "تكهنات لا أساس لها من الصحة"، نافيا الأنباء التي نشرت حول إبداء الأردن مرونة حيال الصفقة، خلافا لمواقفه السابقة.
بدوره، قال وزير الدولة لشؤون الإعلام الأسبق سميح المعايطة: "الموقف الأردني واضح ومعلن ويقوم على إيمانه بعملية سلام حقيقية، تؤدي لإعطاء الفلسطينيين حقوقهم بإقامة دولة فلسطينية حقيقيه على الأرض الفلسطينية".
وتابع المعايطة: "أما فيما يتعلق بالقدس، فهي مدينة فلسطينية ويجب أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية، والأردن له وصاية على الأماكن المقدسة فيها، وهو متمسك بالولاية الهاشمية على المقدسات، وبأن تكون القدس الشرقيه عاصمة للدولة الفلسطينية".
وحول التنسيق الأردني مع حلفائه قال المعايطة: "الأردن معني بالتنسيق مع كل الأطراف العربية والدولية والسلطة الفلسطينية لمواجهة أي مشروع لا يُحقق مصالحه".
وحول الرد الأردني العملي على هذه الخطة، أوضح بأنه "علينا الانتظار حتى نرى الطريقه التي سيطرح بها الأميركيون المشروع، وهل سيكون هناك مفاوضات أم لا، وكيف سيكون الرد الفلسطيني"، مضيفا: "لكن ما هو مؤكد، أن الأردن سيقف موقفا حازما في رفض أي مشروع لا يحقق مصالحه وحقوق الفلسطينيين".
وفي ظل ما تم نشره عن بنود قد تضر بمصالح الأردن، يثار تساؤل عن تأثيرات المشروع الأميركي للسلام على الأردن.
ويرى المحلل السياسي الأردني والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أيمن الحنيطي أنه "من المبكر الحديث عن تأثيرات هذه الخطة، خاصة أن هناك مهلة للفلسطينيين لدراستها وتنفيذها مدتها أربع سنوات".
وقال الحنيطي: "لا نريد استباق الأحداث، حيث لا نستطيع التحدث حول مشروع تدور حوله تكهنات فقط، فليس هناك معلومات مؤكدة، لكن إذا أعلنت الصفقة بما سُرب من تفاصيل، ليس هناك أدنى شك بأنها ستكون مضرة جدا بالأردن وبأمنه القومي".
وتابع: "إذا تمخض عن هذه الصفقة حكم ذاتي، أو إذا كان هناك ترتيبات أخرى فيما يتعلق بسكان الضفة الغربية وإلحاقهم بالأردن، عندها سيكون التأثير والضرر السلبي تجاهه، فهو عنده ما يكفيه من السكان ولا يستطيع أن يستوعب عددا كبيرا من اللاجئين أو القادمين الجدد".
وأشار إلى أن "الصفقة غير منتهية وذلك لأنه بحسب ما رشح من معلومات، هناك اشتراطات مطلوب تنفيذها على مدار أربع سنوات من بعض الأطراف وخصوصا الطرف الفلسطيني، ومنها إسقاط سلاح حركة حماس وترتيبات أمنية تتعلق بضم الأغوار".
وأكد أن الإعلان عن الصفقة "لا يعني تطبيقها مباشرة أو أن يتم فرضها قسرا على الأطراف المعنية، فهي عبارة عن مقترح أفكار ستطرح ويتم مناقشتها وهناك هامش أربع سنوات".
وأوضح بأنه "إذا كانت عناصر الصفقة تتناقض مع المصالح الأردنية والفلسطينية، لا بد أن يكون هناك رفض فلسطيني أردني واضح لها، من ثم سيضطر الأميركان لإعادة النظر فيها".
بدوره قال المحلل السياسي والمختص بالشأن الأميركي، الدكتور صبري سميرة، إن "ما تم الكشف عنه في الصحافة الإسرائيلية، وخاصة فيما يتعلق بمدينة القدس معروف سلفا، وهو سيؤدي لتثبيت شرعية الاحتلال". وتابع سميرة: "الأردن كان يطمح دائما ويسعى لاستعادة الأراضي الفلسطينية في حدود 67 والقدس جزء أساسي منها، وعليه، فما تم كشفه ضرب لكل الاتفاقيات الأساسية".
وأضاف: "ضم القدس يعني بأن الاحتلال لن يعيد أي شي ولا يعترف بدور أردني ولا بحقوق أردنية سابقة أو لاحقة ولا حتى دوره في الوصاية على المقدسات، لأنه حينما تصبح القدس الشرقية تابعة بشكل كامل لإسرائيل، يعني ذلك أنها هي السلطة الحاكمة هناك وهي المرجعية ولها كل شيء".
وأردف: "إذن أصبح الأردن عمليا فاقدا لكل شيء سواء دوره السياسي أو الديني وأي دور في محاولة استرجاع الحقوق الفلسطينية، أيضا عدم عودة اللاجئين سيؤثر، لكن لن يؤثر على حالة الاستقرار الداخلي والوحدة الوطنية، بل على العكس سيؤدي لتصلب الموقف الأردني الداخلي ويدفع الشعب الأردني للتوحد".
تجميد معاهدة السلام
ويبقى السؤال الأهم إذا ما أعلن ترامب عن خطة السلام بالبنود نفسها التي كشفت عنها الصحافة الإسرائيلية، ما هي أوراق الضغط التي يمتلكها الأردن ويستطيع استخدامها لمنع تنفيذ هذه الخطة ومنع تأثيرها السلبي عليه؟
ويرد المحلل السياسي صبري سميرة بالقول: "أول ورقة يمكن للأردن استخدامها هي إعلان موقفه الرافض بشراسة لهذه الخطة، وترجمة ذلك عمليا عبر إلغاء اتفاقية وادي عربة، وهذا الإلغاء ليس أمرا خياليا كما يصوره البعض، فمثلا ترامب ألغى اتفاقية رسمية مع إيران".
وأضاف: "ليتمكن الأردن من ترجمة هذا الموقف بشكل عملي، يجب أن يكون هناك وحدة حكومية شعبية، وأن يبني دولة ديمقراطية قوية واقتصادا قويا وأن يغير بتحالفاته بالذهاب لجهات أخرى غير الجهات المتحالفة مع واشنطن، حتى لا نكون رهينة للضغط الأمريكي والإسرائيلي وغيره فالعالم متنوع".
وأشار إلى أن "الوحدة الشعبية الحكومية تتم عبر منح الشعب الأردني حقه بانتخابات عادلة ونزيهة، ليأتي ممثلين له ليقولوا بأننا لا نريد بيع أنفسنا لأحد وسوف نتخذ القرار الصحيح المعاكس لأمريكا وإسرائيل وسندفع الثمن مهما كان قاسيا".
بدوره قال المحلل السياسي أيمن الحنيطي: "لا يجب أن نستبق الأحداث، لكن لو تم الإعلان عن الخطة بالبنود التي تم كشفها، لدى الأردن عدة أوراق، أهمها ورقة معاهدة وادي عربة، فهو بإمكانه تجميدها وتعليق العمل بها حتى يضغط على الإدارة الأمريكية وإسرائيل، لكي يتعاملا معه بموجب اتفاقيات السلام وما تتطلبه المنطقة من سلام".