نشرت صحيفة "زود دويتشه" الألمانية تقريراً للكاتب باول أنتون كروغر تحدّث فيه عما أسماها "ورطة" الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سوريا، وعن معركته هناك مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للحصول على النفوذ، في وقت يعاني فيه مئات الآلاف من المدنيين من البرد القارس.
وبحسب كروغر، يقول أردوغان إنه قائد ذو خبرة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الوضع في سوريا، كما أخبر بذلك مؤخراً جيمس جيفري المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، الذي حذره من أن بوتين "لا يمكن الوثوق به". وأضاف كروغر: "وبالفعل ها هو أردوغان يدفع الثمن، فقد توصل إلى اتفاق مع الروس بعد الاجتماعات في أستانا وسوتشي، ووافق على تحديد مناطق خفض التصعيد، لكنها قُصفت بعد ذلك بقذائف تلو الأخرى من قبل القوات الجوية الروسية والجيش السوري بدعم إيراني"، حسب تعبير الكاتب الألماني.
ورأى كروغر أنّ معركة إدلب "ستختبر العلاقة بين محوري القتال" في سوريا، مذكراً بأنّ الأتراك خسروا 13 جندياً نتيجةً لهجمات الجيش السوري، بينما قام أردوغان بإرسال مئات الدبابات وآلاف الجنود الأتراك إلى إدلب. كما لفت إلى التهديدات الكلامية التي يطلقها أردوغان الذي يتوعد بخطط بديلة في حال لم تنسحب قوات الجيش السوري لوراء الخطوط المتفق عليها في سوتشي.
وذكّر كروغر بأنه "في الماضي كان الجيش التركي يطلق النار من حين لآخر على اللاجئين السوريين لمنعهم (من الوصول لتركيا)، لكن هل يمكنه إيقاف تدفق مئات الآلاف منهم ببناء جدار أو باستخدام العنف المسلح؟ بالنسبة لأردوغان، قد تصبح هذه الأزمة مسألة وجود في السياسة الداخلية" التركية، مضيفاً: "قد يطلق أردوغان النار على الجيش السوري، لكن هل يجرؤ على استهداف المقاتلات الروسية في السماء؟ لقد حاول قبل ذلك استعراض قوته، فدفعت تركيا ثمن ذلك بشكل درامي، حيث فرضت روسيا عزلاً سياسياً واقتصادياً على تركيا، حيث إن تركيا تحصل على نصف الغاز (الذي تستخدمه) من روسيا. كما أنها ثاني أهم عميل اقتصادي لموسكو بعد ألمانيا. العلاقة بين البلدين متناقضة في كثير من النواحي، لكن تركيا ذات حصانة أقل من روسيا في جميع المجالات تقريباً".
واعتبر كروغر أن "أردوغان يأمل في أن يري بوتين القيمة الحقيقية لتركيا في تقسيم (حلف شمال الأطلسي) الناتو، فلقد اشترى أردوغان أنظمة بوتين للدفاع الجوي ومحطات طاقة نووية (من روسيا). لكن لا يمكن التوفيق بين المصالح المتناقضة جذرياً بين تركيا وروسيا في إدلب، حتى لو كان لا يزال من الممكن تجنب التصعيد هذه المرة، فالأسد يريد استعادة كل شبر مربع من سوريا عسكرياً. لقد تحدث بوتين دائماً عن حل سياسي، ولكنه لم يتصرف أبداً في هذا السياق. وقد يدفع أردوغان ثمناً باهظاً للانخراط في هذه اللعبة الساخرة"، حسب تعبير كروغر.
وختم الكاتب قائلاً: "الأكثر تضرراً بسبب اللعبة السياسية هم مئات الآلاف من المدنيين السوريين الذين يتعرضون حالياً لموجة البرد القارس، مما يظهر مرة أخرى الدور الأوروبي الصامت في هذه الأزمة".