الحكومة معطّلة بداعي السفر… وبرِّي: «بَركي بيتفقوا بَرّا»

الحكومة معطّلة بداعي السفر… وبرِّي: «بَركي بيتفقوا بَرّا»
الحكومة معطّلة بداعي السفر… وبرِّي: «بَركي بيتفقوا بَرّا»

صحيفة الجمهورية

 

 

 

في الإقليم، صورة متوترة تَشي بتطورات عسكرية، والعين على «معركة إدلب» والتحضيرات المتسارعة لإشعالها. وفي الداخل، تتراكم قضايا اللبنانيين وهمومهم وديونهم، وتتكدّس الملفات الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية والمطلبية على رفّ انتظار تشكيل حكومة جديدة، لا يبدو انها قريبة المنال، فعدم التوافق الداخلي هو القاسم المشترك بين اهل السياسة، الى جانب الأسفار الرئاسية والتنقلات المتتالية من دولة الى أخرى، وكذلك انتظار البعض تطورات إقليمية يعتقد انها سترسم السياسة التي سيتّبعها لبنان في المرحلة المقبلة.

سياسياً، مخاض التشكيل مؤجّل، وتأليف الحكومة متعثّر، والاجواء الداخلية متأثرة حتى إشعار آخر، بموجة السفر السياسي التي ضربت مختلف مفاصل الدولة الرئاسية والسياسية، وستستمر في ما يبدو حتى ما بعد نهاية الشهر الجاري.

هذا الوضع المعطّل، استدعى انتقاداً شديداً من قبل بكركي التي تشدد على الخروج منه بتأليف حكومة تتصدى لشؤون الناس. وبرز في هذا السياق الموقف القاسي الذي توجّه فيه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الى السياسيين بقوله: «إنهم – اي السياسيون – مأخوذون فقط بمناقشة الأحجام وتقاسم الحصص، وبأزمة الصلاحيات وهي من دون أساس، بعد الانتخابات النيابيّة التي كنّا نتوقّع فيها بصيص أمل بحياة أفضل، علماً أنّ واحداً وخمسين بالمئة من الشّعب اللبناني لم يشارك فيها، لفقدان الثقة، فيتبيّن اليوم أنّ شكّهم كان في محلّه».

واعتبر الراعي، في عظته خلال قداس الشهداء في سيّدة إيليج، أنّ «الدين العام يناهز التسعين مليار دولار أميركي، وبات يشلّ النمو الاقتصادي وحركة الانتاج، ويعطّل فرَص العمل، ويرمي اللبنانيين في مزيد من الفقر، ويقحم قوانا الحية الشبابية المنتجة على هجرة الوطن، ويحرم الدولة من الاستثمار في مشاريع إنمائية، فيما الهدر والانفاق غير المجدي يتزايد في المقابل».

ودعا الراعي الى «خفض الانفاق، وتخفيف العبء عن الخزينة وضبط الهدر بالتعاون مع القطاع الخاص، وزيادة الواردات، وإبعاد المصالح السياسية عن الإدارة توظيفاً وأداء».

المسودة

وفيما لا جديد نوعياً على خط التأليف، كشفت مصادر وزارية قريبة من قصر بعبدا لـ»الجمهورية» انّ البحث قد تجدّد في المسودة الحكومية الاخيرة التي قدمها الرئيس المكلف سعد الحريري الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعدما استلم موفد الحريري الوزير غطاس الخوري ملاحظات الرئيس عون على المسودة خلال زيارته قصر بعبدا يوم الجمعة الماضي.

وقالت المصادر: «وبالإضافة الى التفاهم على وقف السجال حول الصلاحيات الدستورية وتأكيد التزام الرئيسين بالدستور، أكد عون على ملاحظاته السابقة التي وضعها تحت عنواني العدالة والمساواة في توزيع الحقائب والحصص، وجدّد مطالبته بوزارة العدل لكي تكون من الحقائب الموضوعة بتصرّف فريقه الوزاري، بالإضافة الى ملاحظاته بشأن حصة «القوات» الرباعية على انها «فضفاضة» من بينها حقيبتان خدماتيتان أساسيتان، وخالية من وزارة دولة كما هي حال حصص الفرقاء الآخرين، وايضاً بالنسبة الى رفضه المطلق لأحادية التمثيل الدرزي».

بري

في هذه الاجواء، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري امام زواره انّ الامور مقفلة بالكامل، ولا شيء استجدّ على خط التأليف على الاطلاق، وما يمكن قوله على هذا الصعيد هو: «انّ السلبية هي الحاكمة لكل وضع التأليف، فمن الواضح انّ الكل مسافرون». ثم اضاف ممازحاً: «بَركي بيتّفقوا بَرّا»!

ورداً على سؤال قال بري: «هذا الاستنفار السياسي، والذي ترافق مع حالة كريهة هي إثارة الغرائز الطائفية، أمر يثير القلق، وهذا ما يدفعنا الى ان نحذّر ونؤكّد من جديد اننا يجب ان نتعلم من التجربة، فلطالما ناديتُ بأن نقرأ في كتاب واحد، هو كتاب المواطنية، التي مع الأسف هي مفقودة اليوم. الوصول الى هذه المواطنية والشعور بها، هو السبيل الأكيد لإطفاء الأزمة والخروج منها».

منصور

وحذّر النائب البير منصور من «انّ استمرار الازمة الحكومية على ما هي عليه سيدفع بالوضع نحو الأسوأ». وقال لـ»الجمهورية»: «التشكيل يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، ولا حلّ يبدو في الافق للعقد القائمة، اذا استمرّوا على هذا المنوال في توزيع الحصص الوزارية وبقاء كل طرف متمسّكاً بموقفه».

واعتبر منصور «انّ الحل للخروج من المأزق الراهن بعد فشل الوصول الى حكومة وحدة وطنية يكمن في تأليف حكومة من الأكثرية، فالاكثرية تحكم والأقلية تعارض».

المحكمة

الى ذلك، يدخل التأليف في إجازة اضافية جرّاء مغادرة رئيس الجمهورية اليوم الى ستراسبورغ في زيارة رسمية تستمرّ 3 ايام، وكذلك مغادرة الحريري الى باريس التي سينتقل منها إلى لاهاي حتى ليل الثلثاء المقبل، حيث يشارك في جلسة المحكمة الخاصة بلبنان، والتي ستشهد تقديم مذكرة الادعاء في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث تؤكد الاجواء السابقة لانعقاد جلسة المحكمة انّ المذكرة ستتضمن اتهامات مباشرة لعناصر من الحزب باغتيال الحريري خدمة لمصلحة النظام السوري.

وقالت مصادر»المستقبل» لـ»الجمهورية»، رداً على سؤال عن تأثير قرار المحكمة وانعكاسه على المشهد اللبناني: «لا قرار للمحكمة الآن بل اختتام للمحاكمات. والقرار يمكن ان يصدر بعد أشهر، وفي كل الاحوال نحن لا نراهن على ايّ قرار بل نعمل للوصول الى تشكيلة حكومية».

وأكدت المصادر انّ «مشاورات تأليف الحكومة لن تتوقف بفِعل السفر، فالهاتف يعمل في أي مكان»، وشددت على انّ العلاقة مع رئيس الجمهورية «طبيعية، والتشاور مستمر بين الطرفين».

وذكرت مصادر «المستقبل» انّ الرئيس الحريري يرتكز أساساً في عمله على 3 مبادىء:

1 ـ تأليف حكومة وفاق وطني نظراً الى الحاجة لجلوس الكتل الاساسية في المجلس النيابي على طاولة مجلس الوزراء للتمكّن من تنفيذ برنامج الاصلاحات في مؤتمر «سيدر»، كونه خشبة الخلاص الوحيدة للبنان.

2 ـ قراره بعدم الدخول في سجالات مع احد لإدراكه بأنه في النهاية سيجمع الجميع على طاولة مجلس الوزراء ما يستوجب التعاون لمصلحة البلد، فلا طائلة إذاً من السجالات والاتهامات المتبادلة.

3 ـ إدراكه جيداً لصلاحياته، وهو يتصرف ضمنها ويعمل علناً وبعيداً من الاعلام على رغم اتهامات البعض له».

جعجع

في هذا الوقت، دعا رئيس حزب «القوّات اللبنانيّة» سمير جعجع رئيس الجمهورية ميشال عون «الى المبادرة لإنقاذ عهده بيده، بدءاً من تأليف الحكومة الجديدة، فجلّ ما هو مطلوب منه ان يشهد للحق ويلجم طمع البعض وينقذ التسوية الرئاسية الكبرى المهددة في الوقت الراهن». وتوجّه إلى «الرفاق العونيين» بالقول: «مهما حصل فمن بعد «تفاهم معراب» يجب ألّا يردّنا أي شيء إلى الوراء. صحيح أنّ النبرة تعلو بين الحين والآخر إلا أننا يجب ألا ندع هذا الأمر يفرّقنا من جديد».

وفي كلمة ألقاها بعد قدّاس «شهداء المقاومة اللبنانيّة الذي أقامه حزب «القوّات» في معراب، توجّه جعجع برسالة إلى «الإخوان» في «حزب الله»، قائلاً: «ماذا ينفع الإنسان لو ربح المعارك كلّها وخسر وطنه؟ فما سيبقى لنا في نهاية المطاف هو عائلاتنا وبيوتنا وقرانا وبلادنا، لذلك من المهم جداً أن نضع كل جهدنا وتعبنا وعرقنا ودمنا في بلدنا ولأجل بلدنا فقط وليس أي بلاد ثانية أو أي قضيّة أخرى. نحن لدينا قضيّة واحدة لا ثانية لها، وهي أن نهتم بلبنان وننهض به من أجل أن يصبح في مصاف أرقى دول العالم فيصبح اللبناني مرتاحاً في بلده، فخوراً بهويته وبجواز سفره وليس كما هو الوضع الراهن اليوم. لذلك عودوا إلى لبنان، عودوا إليه بكل المعاني وعلى جميع المستويات. عودوا إلى لبنان ونحن جميعاً في انتظاركم».

سعيد

رئيس «لقاء سيدة الجبل» النائب السابق الدكتور فارس سعيد الذي لوحِظ غيابه هذا العام أيضاً عن قداس شهداء «المقاومة اللبنانية» في معراب، ومشاركته في قداس الشهداء في سيّدة إيليج قال لـ»الجمهورية»: «كلام الكاردينال الراعي في قداس سيدة ايليج بمثابة وثيقة وطنية وأخلاقية، من خلال حَضّه الطبقة السياسية على تجنّب تضخيم المواضيع، وخصوصاً في ما يختصّ بقضية الصلاحيات الدستورية والسير باتجاه تشكيل الحكومة».

وعشيّة مؤتمره الصحافي الذي سيعقده في بلدته قرطبا، قبل ظهر غد الثلثاء، قال سعيد: «بعدما حصل التلاعب في سجل النفوس من خلال مراسيم التجنيس التي بدأت منذ العام 1994 وحتى اليوم، أخشى بأن يكون هناك تلاعب بالسجل العقاري في لبنان، بحيث تنتقل الملكيات من يد الى أخرى، لذلك سألقي الضوء على بعض المسائل التي تخصّ بلدة لاسا، بموضوعية ومن باب التسهيل لاكتشاف الحلول، وليس من باب العرقلة».

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى