شركات بريطانية متهمة باستغلال الموظفين

شركات بريطانية متهمة باستغلال الموظفين
شركات بريطانية متهمة باستغلال الموظفين

تواجه شركات كبرى في قطاعات حيوية في بريطانيا اتهامات بالسعي لتحقيق عائدات مالية من خلال تسريح موظفيها ثم إعادة توظيفهم بشروط أدنى، مستغلة تداعيات جائحة فيروس كورونا في تحقيق هذا الأمر  باعتبار أنه يأتي في إطار مواجهة الأضرار الاقتصادية الناجمة عن الوباء.

وعمدت شركة “بريتيش غاز” في إبريل/ نيسان الماضي، إلى تسريح 500 مهندس رفضوا قبول العقود الجديدة. كما خاض موظفو شركة “بريتيش إيروايز” للطيران العام الماضي 2020 معركة مع الإدارة حول سلسلة تسريحات ثم إعادة توظيف. بينما واجه موظفو سلسلة “أسدا” العملاقة البريطانية للسوبر ماركت وضعاً مماثلاً قبل الجائحة بالأساس في 2019.

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعي:

وإزاء تكرار هذه العمليات، نددت أكبر نقابة بريطانية “يونايت” بهذه الممارسات التي قالت إنها “تنتشر مثل مرض في أماكن العمل”.

وكشف استطلاع للرأي أجراه الاتحاد النقابي “ترايدز يونيون كونغرس” (تي يو سي)، وفق وكالة فرانس برس، أن حوالى 10% من العمال واجهوا تهديدات بالتسريح، إذا لم يقبلوا بعرض إعادة توظيفهم بشروط مخفّضة، فيما ترتفع هذه النسبة لدى الشبان والعمال المتحدرين من أقليات إثنية.

وتطاول هذه المشكلة حاليا سائقي الحافلات في مانشستر وعمال مصنع “ياكوبز دوفي إغبرتس” للقهوة وموظفي مراكز التوزيع التابعة لشركة “تيسكو”، الذين يخوضون نزاعا مفتوحا حول عقود جديدة مطروحة عليهم، تندد بها النقابات على أنها مناورة للتسريح.

ولا يعتبر التسريح ثم إعادة التوظيف مخالفاً للقانون في بريطانيا، لكنّ رئيس الوزراء بوريس جونسون اعتبر الأمر مناورة “غير مقبولة”، فيما طالبت النقابات وحزب العمال، أكبر أحزاب المعارضة، بحظر هذا الإجراء.

ورأى المدير المشارك لمركز أبحاث في ليدز (شمال) متخصص في العلاقات في العمل كريس فورد، أن ثمة حلولا أفضل في ظل الأزمة الصحية، مثل تجميد التوظيف وإنهاء الخدمة الطوعي والبطالة الفنية، مشددا على أنه لا يفترض اللجوء إلى التسريح وإعادة التوظيف إلا “كسبيل أخير”.

وحذر من أن هذه التدابير قد “تحدث زعزعة أكبر في سوق العمل الذي قلما يخضع بالأساس لتنظيمات في المملكة المتحدة”، إذ إن مرونة التوظيف فيها أكبر مما هي في سائر الدول. وتابع “لا أرى أي حالة تكون فيها هذه الوسيلة جيدة”، مضيفا “ثمة سبل أخرى (أمام أرباب العمل) لتحقيق النتائج ذاتها”.

وخارج المملكة المتحدة، يبقى التسريح ثم إعادة التوظيف أمراً نادراً للغاية لا بل محظوراً، كما في إيرلندا المجاورة. وفي الاتحاد الأوروبي، يتطلب هذا الإجراء مشاورات داخل القطاع، بمشاركة ممثلين عن النقابات وأرباب العمل.

وعلى سبيل المثال، تعتمد ألمانيا تشريعات تؤمن حماية كبيرة للموظفين بموجب عقد محدد المدة. وحدهم الموظفون بموجب عقود مؤقتة قد يواجهون مثل هذا الوضع، وفي حالات محددة حصرا.

غير أن الوضع يختلف تماما في الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. ففي كندا على سبيل المثال، أفادت خبيرة قانون العمل داليا غيسوالدي فيكتو من جامعة كيبك أن التسريح وإعادة التوظيف أمر قانوني، ويطاول بصورة خاصة العمال غير المنتسبين إلى نقابات والذين يبقون رهن إرادة أرباب العمل.

وأظهر تحقيق أجرته صحيفة “أوبزيرفر” البريطانية، أن تسعاً من الشركات الـ13 المتهمة بتسريح موظفين ثم إعادة توظيفهم، حققت أرباحا أو زادت أجور مدرائها.

غير أن شركة “إي إيه جي”، الشركة الأمّ لبريتيش إيروايز، سجلت خسائر صافية سنوية قياسية بلغت 6.9 مليارات يورو عام 2020 في وسط الأزمة الحادة التي طاولت قطاع الطيران نتيجة الوباء، و1.1 مليار في الربع الأول من العام 2021.

وبالرغم من تحقيق “بريتيش غاز” إيرادات تشغيل صافية قدرها 80 مليون جنيه إسترليني (92 مليون يورو)، سجلت شركتها الأم “سينتريكا” خسائر بقيمة 577 مليون جنيه إسترليني قبل اقتطاع الضرائب.

وأكدت “سنتريكا” لوكالة فرانس برس، أن هذا التغيير “الصعب” في العقود غير مرتبط بجائحة كورونا بل هو “ضروري” في ظل “تراجع الأرباح بمقدار النصف خلال السنوات العشر الأخيرة”. والهدف على حد قولها هو حماية عشرين ألف موظف في المملكة المتحدة، وافق 98% منهم حتى الآن على توقيع عقد جديد.

ورأى ألكسندر برايسون أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة “يونيفيرسيتي كولدج” في لندن أن الوباء شكل ذريعة لبعض الشركات “لتضخيم مشكلاتها المالية”.

وقال الباحث “ليس واضحا أن الوباء أوجد ظروفا مؤاتية لتعميم” تدابير التسريح وإعادة التوظيف، مرجحا فرضية “أرباب عمل يتصرفون بشكل انتهازي لتحقيق أمور كانوا يأملون في تنفيذها سابقا” مثل خطط إعادة هيكلة تعود إلى ما قبل الوباء.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى