يدخل قرار أصدرته الحكومة الإندونيسية، مؤخرًا، بحظر تصدير زيت النخيل، حيز التنفيذ في 28 نيسان/ أبريل الجاري، بالتزامن مع اشتداد أزمة الغذاء العالمية بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وجاء القرار بغرض ”توفير المنتج في أرجاء إندونيسيا التي تشهد معدلات تضخم عالية جدًا؛ بعد ارتفاع أسعار الأغذية عالميا بشكل قياسي“، وفق تصريحات متلفزة للرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، الأسبوع الماضي.
لكن محللين وخبراء اقتصاديين معنيين بصناعة الزيوت استبعدوا ان يكون وقف التصدير بهدف وفرة المنتج في الأسواق الداخلية، وإنما بغرض إعادة تقييم سعره أمام الزيوت النباتية التي فرضت الدول المنتجة لها قيودا على تصديرها، وهي الفول الصويا وزيت دوار الشمس وزيت الذرة.
ودللوا على ذلك ببيان الحكومة الإندونيسية الذي صدر الشهر الماضي، بشأن ارتفاع معدل الطلب على زيت النخيل عالميًا؛ لكونه بديلا أرخص وأكثر وفرة في الأسواق مقارنة بالزيوت النباتية الأخرى التي تتحكم في إنتاجها كلٌ من روسيا وأوكرانيا.
وقال الخبير الاقتصادي الإندونيسي يوسف راندي، إن ”ارتفاع أسعار زيت النخيل بنحو 7 بالمئة مع بداية تعاملات أمس الإثنين، يؤكد أن القرار جاء بغرض تطلع إندونيسيا إلى زيادة سعره، وهذا أمر طبيعي“.
وارتفعت العقود الآجلة لزيت النخيل خلال تعاملات، أمس الإثنين، إلى 1564 دولارًا، وفق وكالة ”بلومبرغ“ الأمريكية.
وأضاف راندي أن ”وقف التصدير لفترة سيؤدي إلى طلب عالمي على زيت النخيل، وبالتالي يؤدي إلى ارتفاعات كبيرة في أسعار البيع، لا سيما أن مجالات صناعية تعتمد عليه كمنتج وسيط أو مادة خام في عمليات التصنيع“.
وتشتري الصين والهند ثلث صادرات إندونيسيا من زيت النخيل، فيما توزع باقي الكميات على دول أخرى، من بينها منطقة الشرق الأوسط.
وحول انعكاس القرار على النمو الاقتصادي المستهدف، أشار الخبير إلى أن ”اقتصاد بلاده تأثر سلبًا من جائحة كورونا في عام 2020، لكن عودة الحركة التجارية والتعافي من الجائحة دفع البلاد إلى تسجيل نمو بنحو 3 بالمئة في 2021، ومن المتوقع أن يقود زيت النخيل مؤشر النمو في 2022؛ بسبب زيادة الطلب عليه“.
ويتوقع المصرف المركزي الإندونيسي تسجيل نمو بنسبة تتراوح بين 4,7 و 5,5 بالمئة أواخر العام الجاري 2022، و6 بالمئة في عام 2023.
وأفاد راندي بأن ”جاكارتا تراهن على زيت النخيل في جذب العملة الصعبة بعد تراجع قطاع السياحة؛ لذلك ستستأنف عملية التصدير قريبًا، وبمعدلات أكبر من الحالية“.
ووفقا لمعطيات رسمية، سجلت الدولة فائضا تجاريا بلغ 35,34 مليار دولار في عام 2021، وهو الأعلى منذ 15 عاما، وفق ما أشار الجهاز المركزي للإحصاء.
ورأى رئيس مجلس الأعمال المصري الإندونيسي شريف الجبلي، أن حجب زيت النخيل عن الأسواق العالمية سيدفع جميع الزيوت النباتية الأخرى نحو الصعود، وسترتفع على إثره أسعار المواد الغذائية.
وعن حاجات السوق الإندونيسي من زيت النخيل، قال الجبلي إن ”قرار وقف التصدير ليس له علاقة بوفرة المعروض داخليًا، ولكن هذا الأمر يعد بمثابة اختبار للسوق العالمي حول مدى قدرة تلك الأسواق على الاستغناء عن زيت النخيل واستبداله بمنتجات أخرى“.
واتفق الجبلي مع الخبير الاقتصادي الإندونيسي على أن ”هذه سياسة تتبعها الدولة لإعادة تسعير منتجاتها المصدرة“.
وأضاف: ”أتوقع أن تفك إندونيسيا حظر التصدير خلال شهر بحد أقصى؛ حتى لا يتكبد مزارعو تلك المحاصيل خسائر بسبب صعوبة التسويق“.
ويقدر عدد العاملين في زراعة زيت النخيل في إندونيسيا بنحو 4 ملايين مزارع من أصحاب المساحات الصغيرة، وفق تصريحات حكومية.
وسجلت صادرات إندونيسيا من زيت النخيل في عام 2020 نحو 25.1 مليون طن متري، فيما بلغ حجم الإنتاج أكثر من 34.6 مليون طن متري في العام ذاته.
وتخطط الحكومة الإندونيسية للتوسع في مزارع نخيل الزيت للوصول بها إلى 14 مليون هكتار (32 مليون فدان) بحلول عام 2023، مقابل 12 مليون هكتار (30 مليون فدان) حاليًا.
وفي السياق ذاته، استبعد أيمن قرة، الخبير المصري المتخصص في صناعة الزيوت، أن تحجب إندونيسيا الزيوت عن الأسواق العالمية؛ نظرًا إلى التزامها بعقود توريد طويلة الأجل مع الدول، منها الصين والهند.
بعد يوم على انخفاضها 4%.. التفاؤل بزيادة الطلب الصيني يرفع أسعار النفط
“المونيتور”: ارتفاع الطلب الأوروبي على الغاز الأمريكي يعيد تركيا إلى الموردين القدامى
وفي هذا الاتجاه، قال رئيس شعبة الزيوت باتحاد الصناعات المصرية زكريا الشافعي إن قرار وقف التصدير حرك الدول المستوردة للزيوت نحو البحث عن مصادر استيرادية جديدة لزيت النخيل أو بدائل أخرى لتأمين المخزون الاستراتيجي للبلاد.
وكانت الهيئة العامة للسلع التموينية في مصر طالبت، الأحد الماضي، مستوردي الزيوت بالمشاركة في ممارسة لتوريد 30 ألف طن زيت صويا وعشرة آلاف طن زيت عباد شمس لتأمين حاجات البلاد؛ إثر ذلك القرار.
يذكر أن مصر تحتل المرتبة الخامسة بين أكبر مستوردي زيت النخيل عالميًا، بإجمالي 3.29 بالمئة من الحصة العالمية، وفق إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 2020.