تواجه تونس صعوبات في سداد ديونها الخارجية، ما يفاقم من تدني درجات تصنيفها الائتماني ويعقّد مفاوضاتها مع المانحين الدوليين، وفق ما أكده خبراء اقتصاديون.
ونبّه الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان من أن تونس قد تصبح عاجزة عن سداد ديونها بحسب وكالتي ”موديز“ و“فيتش“، وبحسب التصريح الذي قدمته المديرة العامة لصندوق النقد الدولي لوكالة ”بلومبرغ“.
وأوضح سعيدان أن ”هذه الوكالات تقول إن تونس قد تذهب في طريق إعادة هيكلة الديون، وهذا القرار يعني إعادة الجدولة، ما يعني مباشرة الذهاب نحو (نادي باريس)، وإذا ذهبت في هذا الطريق فهو دليل على أنها لم تعد قادرة على سداد ديونها“.
وأضاف ان أن ”المحادثات مع صندوق النقد الدولي يبدو أنها لم تعط النتائج المطلوبة، فالوضع صعب ويزداد صعوبة؛ بسبب تأثيرات الحرب في أوكرانيا التي أثرت على سعر برميل النفط، وهو معطى له انعكاس مباشر على موازنة تونس ومديونيتها، إضافة إلى تأثيره على قطاع الحبوب والسياحة وغيرهما“.
واعتبر عز الدين سعيدان أنّه ”في حال الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، فإن ذلك لن يكون كافيا؛ لأنّ تونس لا يمكنها الحصول على أكثر من 1 مليار دولار سنويا من صندوق النقد الدولي، بينما تطلب 4 مليارات دولار، كما تبلغ حاجياتها من القروض الأجنبية نحو 7 مليارات دولار فمن أين ستوفّر الباقي؟“
ورأى أنّ ”الحل أن نعول على إمكاناتنا الداخلية ونعيد النظر في أشياء عدة، من بينها نمط إنفاق الدولة التي تنفق أموالا طائلة“، بحسب قوله.
لكن وزير التجارة السابق محمد مسليني استبعد تخلف بلاده عن سداد ديونها في الظرف الحالي، وقال مسليني إن ”سداد الديون من عدمه مرتبط ببرنامج وزارة المالية، المطالبة بتوفير موارد مالية“.
وأضاف الوزير السابق أن ”الدولة لا تزال قادرة، لكنها ستجد صعوبات في المرحلة المقبلة“، مشيرا إلى أن ”الوقت حان لدخول البلاد في إصلاحات توفر لها موارد مالية؛ لأننا في مرحلة اقتراض عالية جدا، تصل إلى حدود 120 % من الناتج الداخلي الخام“.
وحذّر مسليني من أنّ ”مسألة الاقتراض اليوم تبدو أصعب، ونحن بحاجة إلى إصلاحات توفر موارد مالية إضافية، وتنشيط الاقتصاد بما يسمح بحدوث نمو، وبالتالي يجب اتخاذ حزمة من الإجراءات التي تسمح بإصلاح الوضع، وعدم اللجوء إلى حلول سهلة مثل الاقتراض من الداخل، الذي له مخاطر عالية، ويجب التعويل على الموارد الخارجية والحد من النفقات“.
واعتبر مسليني أنّ ”التخويف من الإفلاس لا يستقيم، فالدول لا تفلس كما تفلس الشركات بل يتم التفاوض على جدولة الديون، وتونس ليست في هذا المستوى، وحتى إن أفلست هناك حلول دائما في ما يتعلق بالأجور والتقشف“، وفق تعبيره.
وتقول تونس مرارا إنها ستقوم بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة من طرف المانحين الدوليين.
واستبعد المحلل السياسي محمد صالح العبيدي أن تنفذ تونس هذه الإصلاحات؛ بسبب غياب الإرادة السياسية، وأوضح العبيدي، أن ”المشهد واضح، رئيس الجمهورية يعطي الأولوية لمشروعه السياسي، وحكومته لا تسعى لإشراك المنظمات ذات الوزن في مسار الإصلاحات، ما يؤكد غياب الإرادة السياسية للقيام بهذه الإصلاحات، وهذا سيجعل مصداقية الحكومة أمام صندوق النقد على المحك“، وفق قوله.