أكد أتول هيدج، المستثمر ورائد الأعمال الخبير في الرموز غير القابلة للاستبدال والتسويق الرقمي ومؤسس شركة «ياب»، أن عالم الميتافيرس يهدد مستقبل وكالات التسويق الرقمي الحالية وفق تقرير لصحيفة البيان الاماراتية
وقال: انشغلت أوساط الوكالات الإعلانية في عام 2007 بمفهوم التسويق الرقمي والآفاق المتنوعة التي يحملها، خلال فترة نجحت فيها جوجل بترسيخ مكانتها بعد أن استحوذت على يوتيوب، وفي الوقت الذي لمع فيه اسم فيسبوك في حين مضى عام واحد فقط على تأسيس تويتر. ولم تستطع هذه الوكالات إدراك آليات التسويق الرقمي، على الرغم من مرور خمسة أعوام على طرح هذا المفهوم، لتتجه معظم الشبكات الضخمة إلى تجاهل إمكانياته الكبيرة، انطلاقاً من عدم رغبتها في السعي وراء الأرباح الهامشية للتسويق الرقمي كبديل للمبالغ الطائلة التي تُحققها أساليب التسويق خارج شبكة الإنترنت. وأثبتت مجريات الأعوام الخمسة التالية جدوى الوسائل الرقمية التي غيّرت مشهد التسويق بشكل حاسم، حيث حققت الشركات الناشئة التي تقدّم خدمات مبتكرة العديد من النجاحات في هذا المجال، ما دفع الوكالات الضخمة لبذل مجهود إضافي لمواكبة هذا التطور ودفع مبالغ كبيرة للاستحواذ على هذه الشركات الواعدة وإطلاق أعمالها الرقمية.
وأضاف: يشهد عالم الإعلانات اليوم بعد 15 عاماً مرحلة مشابهة يستأثر فيها المجال الرقمي بالشريحة الأكبر من الإنفاق، بينما يتراجع دور الإعلانات التلفزيونية والمطبوعة بشكل مطرد، علماً أن أزمة (كوفيد19) أسهمت بشكل ملحوظ في زيادة الوقت الذي يقضيه الأفراد على مختلف المنصات الرقمية.
وتابع: نجحت جميع الشبكات الإعلانية الضخمة بريادة سوق التسويق الرقمي اليوم من حيث الحجم (وليس الجودة)، لا سيما بعد أن استكملت جميع عمليات الاستحواذ التي خطّطت لها. ونشهد اليوم ظهور عدد كبير من الشركات الناشئة في قطاع الإعلانات، وتجمع هذه الشركات بين مزايا التكنولوجيا والبيانات والمحتوى لتقديم خدمات متميزة للغاية للعلامات الجديدة وتلك العريقة التي تطمح إلى مخاطبة الجيل الجديد من العملاء. كما سارعت العلامات التجارية على مدى الأعوام القليلة الماضية إلى اعتماد الخدمات الرقمية الجديدة، مثل التسويق بالاستعانة بمشاهير التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الآلية والمحتوى المخصص لأهداف تجارية وغيرها الكثير.
وباستثناء خدمات الإعلام الآلية، تتجه غالبية الوكالات اليوم إلى الاستعانة بالشركات الناشئة المبتكرة للحصول على الخدمات الحديثة. وفي ضوء كل ما سبق، نجد بأننا نعيش اليوم في حقبة الويب 3.0 التي يشكل عالم الميتافيرس إحدى سماتها الأساسية. وبطبيعة الحال، يُحدد العملاء وتيرة التطور الذي نعيشه من خلال طلب خدمات الميتافيرس من وكالاتهم الحالية، التي تسعى غالبيتها جاهدة لاغتنام الفرص الماثلة أمامها.
وقال: يعود عالم الإعلانات اليوم بعد 15 عاماً مضت إلى نقطة انطلاق جديدة. وتجد الوكالات الإعلانية نفسها اليوم أمام العقبة التي واجهتها الوكالات التقليدية في ذلك الوقت، إذ سُرعان ما تتحول خدماتها الأساسية والمتمحورة حول محتوى وإدارة منصات التواصل الاجتماعي إلى دخول سباق متأخر، بينما تستأثر الشركات الناشئة والمبتكرة بالحصة الأكبر من إنفاق العملاء بفضل ما تُقدمه من خدمات أحدث وأفضل. ونجح عالم الميتافيرس في لفت اهتمام العلامات التجارية، بفضل ما يزخر به من إمكانيات ترسّخ حضور العلامات التجارية والتكامل مع الألعاب الإلكترونية والواقع المعزز ومصادر الإيرادات الجديدة من خلال الرموز غير القابلة للاستبدال. واغتنمت بعض فئات العلامات الفاخرة والمختصة في نمط الحياة الفرصة السانحة، ومن المتوقع أن تلحق بها قطاعات رئيسية أخرى في دولة الإمارات، مثل العقارات والسياحة، خلال وقت قصير. وتجد الشركات الناشئة نفسها مجدداً أكثر استعداداً للاستفادة من التطورات الجديدة التي توفرها الوكالات الرقمية التقليدية.
وأضاف: أتوقع أن تكون وتيرة التغيير سريعة للغاية هذه المرّة، مع زوال معظم وكالات التسويق الرقمي بشكلها القديم لتحل مكانها شركات أكثر ذكاءً واعتماداً على المحتوى القائم على التكنولوجيا والبيانات. ومن جانبها، توقعت وكالة بلومبيرج إنتلجنس وصول قيمة سوق الميتافيرس إلى 800 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2024، علماً أن شركات مثل يونيليفر قد أسست بالفعل ائتلاف ويب 3 خاص بها على الصعيد الداخلي، بهدف استكشاف الطرق الكفيلة بمواجهة التحديات التي يفرضها عالم الميتافيرس وإمكانية تسخيره لصالح العلامات التجارية والعملاء على حد سواء. وستكون العلامات الراغبة بدخول عالم الميتافيرس بحاجة للتعامل مع وكالة مُلمة بالقطاع التكنولوجي والنِتاج الإبداعي في الوقت ذاته، ليجد المصممون أنفسهم مضطرين لتكييف أعمالهم مع العالم الافتراضي والتعاون مع خبراء التكنولوجيا وأخصائيي الرسوم المتحركة.
كما ينبغي أن تكون كوادر إدارة الحسابات على اطلاع كامل على عوالم الألعاب الإلكترونية والعملات المشفرة والرموز غير القابلة للاستبدال، إلى جانب فهمها الكامل بمجال تطوير العلامات التجارية.
وأوضح: سيحتاج كُتّاب المنشورات المختصرة على منصات التواصل الاجتماعي إلى تطوير أدواتهم، لاستكشاف فن كتابة المنشورات المُطوّلة بينما يعملون على إرشاد العملاء ضمن مختلف مستويات الميتافيرس. وسيحل علماء البيانات مكان مخططي وسائل الإعلام التقليدية، بينما ستعمل العلامات التجارية على تخصيص أقسام داخلية لديها لتولي مسؤولية معظم الخدمات غير المخصصة، مثل إدارة وسائل التواصل الاجتماعي والمحتوى الأساسي وتحسين محركات البحث.
وإلى جانب ذلك، ستُضطر الفرق الإبداعية إلى التفكير بسبل جديدة لدمج العلامات تحت مظلة محتوى تسويقي رئيسي قائم على مشاهير التواصل الاجتماعي (من دون الاعتماد على مجرد التعيينات الإجبارية)، حيث ستُضطر غالبيتها للانضمام إلى الجهات المؤثرة على منصات التواصل الاجتماعي لتكتسب فهماً أكبر لمنصات المحتوى التي يطورون المحتوى لصالحها. وهكذا يمكن القول بأن هذه مجرد بداية النهاية بالنسبة لوكالات التسويق الرقمي كما نعرفها اليوم، حيث يُسرّع عالم الميتافيرس في زوالها، لتحل شركات التسويق الرقمي الحديثة مكانها وتقود العلامات في رحلتها نحو عالم الميتافيرس والويب 3.0، التي ستكون بدورها من القوى المهيمنة خلال العقد الجاري.