بينما لا يمكن التقليل من أهمية إقرار قانون رفع السرية المصرفية من زاوية كونه إنجازاً حقيقياً ومحطة مفصلية على الطريق التشريعي نحو مكافحة الفساد وضبط الفاسدين، غير أنّ التجارب التاريخية المريرة مع المنظومة السياسية الحاكمة، دفعت بعض المراقبين إلى الإعراب عن خشيتهم من أن يتحول هذا القانون تحت قبضة أركان هذه المنظومة إلى مجرد قرار “رفع عتب” ليس إلا، متسائلين: “معلوم أنّ الغرض الأساسي والحصري من تعليق العمل بالسرية المصرفية هو إجراء التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، لكن أين هي شركة التدقيق؟”.
فبعد “تطفيش” شركة “ألفاريز آند مارسال”، سيكون اختيار شركة جديدة بعد إجراء كل المتطلبات التقنية واللوجستية من وضع دفتر جديد للشروط واستدراج للعروض ومباحثات ومحادثات، مسألة تتطلب أشهراً طويلة إن لم يتم ربطها بتشكيل الحكومة الجديدة التي قد لا تبصر النور قريباً. وعليه يخشى المراقبون، بحسب “نداء الوطن”، أن تمضي مهلة السنة التي أقرها المجلس النيابي قبل أن يتم فتح ملف تدقيق حسابي واحد، فنعود إلى الاشكالية ذاتها بعد عام من اليوم.
واعتبرت مصادر متابعة أنّ “تعليق العمل بالسرية المصرفية سيبقى إجراءً شكلياً ما لم يُقرن بأفعال تثبت النية الجدية في إجراء التدقيق الجنائي” في الحسابات، مبديةً توجسها من “تمييع” الموضوع عبر إغراقه بأطر تنفيذية إجرائية تستهلك الوقت وتستنزف المهل.
وشددت في هذا السياق على أنّ “قوى سياسية فاعلة لا تخفي رفضها للتدقيق الجنائي في الحسابات المصرفية وبالتالي هي لن تألو جهداً للالتفاف على القوانين واعتراض الطرق الآيلة إلى رفع السرية المصرفية، التي تحول دون كشف المستور في الحسابات من فساد وهدر وتهريب أموال”، محذرةً من أنّ استمرار التستّر على حركة الحسابات المصرفية سيعني حكماً أنّ “رؤوس الأموال الخارجية لن تجد طريقها إلى لبنان مجدداً بسبب انعدام الثقة بالقطاع المصرفي، والخوف من ضياع المزيد من الأموال، كما ضاع أكثر من 87 مليار دولار”، ولفتت إلى أنه كان الأجدى في حال صدقت النوايا “إقرار رفع السرية المصرفية لغاية الانتهاء من أعمال التدقيق الجنائي بدل تقييدها بمدة زمنية محددة”.
أخبار متعلقة :