خبر

عدّ تنازلي للسنة الأولى من الولاية الرئاسية على وقع خرق الركود

كتب ناجي شربل وأحمد عز الدين في “الأنباء الكويتية”:

بالتقدم الحذر يمكن وصف خطوات لبنان في المسار الذي اختاره ويتمسك به، وهو تغليب لغة التفاوض على لغة الحرب، مع تأكيده على الثوابت التي لا يتنازل عنها والتي باتت معروفة، ولكن في المقابل تبدو المعادلة من جانب إسرائيل على الشكل التالي بالرغم من تهديداتها المتواصلة: أقل من حرب وأكثر من تصعيد بالحد الأقصى، في موازاة عدم التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار وعدم إصغائها لكل الأصوات الدولية التي تدعوها إلى وقف اعتداءاتها وانتهاكاتها المتواصلة لاتفاق وقف الأعمال العدائية.

وبدا واضحا بعد اجتماع “الميكانيزم” الرقم 15 بالناقورة، انطلاق سياسة الخطوة مقابل خطوة، التي طالما روج لها الموفد الأميركي توماس باراك، مع اختلاف في المعايير وحجم الخطوات واتجاهاتها بين لبنان وإسرائيل، إذ تمضي الأخيرة في التنصل والتفلت من الاتفاقات وآخرها وقف إطلاق النار الموقع 27 تشرين الثاني 2024، فيما يواصل لبنان الثبات وعدم التراجع عن المطالبة بتحرير أرضه، بالتوازي مع ضبط الأوضاع في الداخل وعدم السماح بمواجهات داخلية بين الفرقاء ووسط هذه الأجواء، لم تتضح صورة الدعم الدولي للجيش اللبناني والذي كان على طاولة الاجتماع الأميركي ـ الفرنسي ـ السعودي في باريس في حضور قائد الجيش العماد رودولف هيكل، بل ظل على ضبابيته وتحت سندان إزالة السلاح غير الشرعي التي تتوقف عليها أيضا المساعدات الاقتصادية للبنان.

أما على صعيد الاستحقاق النيابي فالورقة الانتخابية تبدو كأنها دخلت البازار السياسي، لاسيما في ضوء ما سجل من ابتعاد أكبر عن العهد لرئيس حزب “القوات اللبنانية” د.سمير جعجع الذي ذهب يوم الجمعة إلى حد اتهام الرؤساء الثلاثة بالتواطؤ وبالعودة إلى “الترويكا” الرئاسية.

ملفات عدة سترحل إلى بداية السنة الجديدة 2026، بينها مناقشة المجلس النيابي مشروع قانون الموازنة، فضلا عن ملف السلاح المفتوح خارجيا وداخليا بكل أبوابه وبنوده، مع التذكير ان بداية السنة تشهد طي السنة الاولى من الولاية الرئاسية للعماد جوزف عون، والتي حرك فيها ملفات كثيرة، وخرق ركودا ساد لعقود، من دون ان يعني ذلك الوصول إلى نتائج متوخاة طال انتظارها، لأسباب عدة في طليعتها انعدام المساعدات الخارجية، وعدم تلقي العهد جرعات الدعم الاقتصادية المطلوبة بالحد الأدنى، حتى من الجهات التي عملت لوصول الرئيس جوزف عون إلى قصر بعبدا.

إلا أن رئيس الجمهورية يستمر في التحرك في اتجاهات عدة بوتيرة عالية من النشاط والاتصالات. وبدا في أكثر من مناسبة انه يملك أوراق قوة عدة عبر صداقات خارجية، وهو يحسن استخدامها بتوقيت مناسب لدرء أخطار عدة تحوط بالبلاد. ولا يتوانى في التدخل بين الفرقاء السياسيين في الداخل لمنع خروج الأمور عن ضوابط تحفظ الاستقرار. وللغاية بدأ يتلقى انتقادات من شرائح سياسية، أبرزها حزب “القوات اللبنانية” الذي يملك أكبر كتلة نيابية سياسية ومسيحية.

وعلى خط مقابل، تتعزز الثقة الدولية يوما بعد آخر بالدولة اللبنانية من خلال الاجراءات التي تتخذها الحكومة على غير صعيد سياسي وأمني واقتصادي، وفي هذا الشأن، قال مرجع سياسي لـ “الأنباء”: “توسع الثقة الدولية بلبنان يضيق هامش التحرك أمام أي عدوان إسرائيلي على رغم التهديدات اليومية، مع غض طرف دولي عن الاستهدافات التي تطول “حزب الله” والتي تنفذها الطائرات سواء المسيرة أو الحربية، بما يعني موافقة ضمنية على ذلك، غير ان الامر يختلف اليوم فيما يتعلق بأي حرب موسعة، بعدما خطت الحكومة خطوات واسعة لجهة تنفيذ الانتشار العسكري في الجنوب للجيش اللبناني، والذي نال “العلامة الكاملة” من الدول المعنية حول أهمية هذه الاجراءات وفعاليتها، على رغم تجذر العمل العسكري غير الشرعي في الجنوب على مدى نصف قرن”.

وأضاف المصدر “إرادة الدولة في لبنان بإزالة كل العوائق أمام بسط سيادتها تقابل بتأييد واسع”، مشيرا إلى ان الحرب الموسعة التي شنتها إسرائيل على لبنان في 20 أيلول 2024، واستمرت على مدى 66 يوما، ما كانت لتتم بالشكل الذي حصل لو لم تحظ بالتأييد الواسع دوليا، بعدما استنفد الوسطاء كل وسائل الإقناع لدفع “حزب الله” إلى وقف “حرب الإسناد” لغزة على مدى سنة.

وكان عدم تجاوب الحزب العامل الأساسي الذي أعطى إسرائيل الضوء الاخضر بشأن هجومها الواسع والمدمر، وبتعاون أكثر من جهة دولية، ما أعطى إسرائيل القدرة على مواجهة الحزب بضربة مفاجئة شلت قدراته العسكرية، ودمرت البنية التحتية التي هيأها على مدى اكثر من ثلاثة عقود.

على صعيد آخر، كشف المصدر “عن تشدد سوري في موضوع حل القضايا العالقة بين البلدين”. وقال “يعتبر النظام الجديد في سورية أن حل قضية الموقوفين الإسلاميين أولوية، وتشكل المدخل لأي تقدم في مسار معالجة الملفات العالقة وهي كثيرة، وصولا إلى ترسيم الحدود بين البلدين”.

وأشار إلى “تقدم في المحادثات الشائكة من خلال إمكانية التوصل إلى مخارج قانونية تضيق هامش الخلاف بين الجانبين، وتفتح الطريق أمام قيام علاقات متوازنة بين دولتين كل منها تتمتع بسيادتها”.

أخبار متعلقة :