أخبار عاجلة

القطاع التربوي اللبناني يعاني والقيمون عليه يستنبطون حلولاً من جيوب الأهالي

القطاع التربوي اللبناني يعاني والقيمون عليه يستنبطون حلولاً من جيوب الأهالي
القطاع التربوي اللبناني يعاني والقيمون عليه يستنبطون حلولاً من جيوب الأهالي

كتبت جويل رياشي في صخيفة الأنباء:

لن ينتهي العام الدراسي اللبناني كما بدأ. الكلام هنا ليس عن الامتحانات الرسمية او إنجاز الروزنامة التربوية، ذلك ان المدارس تعاملت مع «أمر واقع» جديد هو فيروس كورونا، ففتحت أبوابها تاركة لارتفاع عدد المصابين بالفيروس داخل الصف الواحد أمر البت بإقفاله مرحليا.

الا ان الأهالي وجدوا أنفسهم في القسم الأخير من العام الدراسي أمام «أمر واقع» مالي، سيمر دون اعتراض يذكر. أمر يتعلق بزيادة الأقساط المدرسية بنسب غير مسبوقة: زيادة بالعملتين الوطنية اي الليرة اللبنانية، والأجنبية اي الدولار الأميركي وخصوصا لدى المدارس الأجنبية.

لن يرتفع الصوت الاعتراضي على زيادات أقرت بعيدا من الصخب، وتحت شعار الحفاظ على جودة التعليم والتمسك بالاساتذة والمعلمات أصحاب الكفاءة العالية، في ضوء هجرة غير مسبوقة أصابت القطاع التعليمي اللبناني.

لن يرتفع الصوت الاعتراضي، بل سيسمع أنين الوجع الصادر عن الأهالي الذين تآكلت رواتبهم، ومنهم من فقد عمله في ضوء أزمة البطالة التي ضربت البلاد توازيا مع الأزمتين الاقتصادية والنقدية، اللتين أدتا الى انهيار العملة الوطنية.

زيادات تركت في غالبية المدارس الى ما بعد الانتهاء من تسديد القسط السنوي كاملا، وأبعدت عن النقاشات الروتينية التقليدية بين لجان الأهل وإدارات المدارس للمصادقة على الميزانية بعد دراستها تمهيدا لرفع الأقساط كما كان يحصل سابقا.

سبب الزيادة بات معروفا، وهو الحد من الخسائر لدى إدارات المدارس، وتمكين الاساتذة من العمل دون تكبد مصاريف من جيوبهم، تصرف بدل تسديد أكلاف النقل الى المدارس.

اما العجز فيبدأ تحت عنوان مواجهة ارتفاع المصاريف التشغيلية للمدارس، وفي طليعتها أكلاف الطاقة التي تعتمد على المازوت لتأمين الكهرباء، الى مساعدة أفراد القطاع التعليمي للصمود من طريق منحهم زيادات تعينهم على تحمل مصاريف النقل وغيرها.

جزء كبير من المدارس في لبنان تابع للرهبانيات وغالبيتها تعرف بـ«المدارس الكاثوليكية»، وهي بكرت في تحصيل زيادات على الأقساط لم تتعد قيمتها الـ 50%. أما مدارس الإرساليات الأجنبية التي تنفرد بأقساط اعلى من المدارس المحلية، فقد راوحت نسبة الزيادة فيها على القسط السنوي الأساسي ما بين 50 و200%، وصولا الى فرض بعضها تسديد مبالغ مقطوعة بالعملة الأجنبية، فيما ترك البعض الآخر الأمر لمبادرات من الاهالي تحت شعار تقديم مساعدات بالعملة الأجنبية لمن يرغب، ولمن استطاع الى ذلك سبيلا.

مدرسة سيدة الجمهور العريقة التابعة للرهبنة اليسوعية، لم تتخط الزيادة فيها الحدود المنطقية. في حين اختلف الأمر في مدارس البعثة العلمانية الفرنسية المعروفة بـ«مدارس الليسيه الفرنسية»، فارتفعت قيمة القسط السنوي من 12 مليون ليرة الى 28 مليون، بعد نجاح لجان الأهل بإقناع الإدارة بخفض الزيادة من 35 مليون ليرة الى 28. وتتوقع لجنة الاهل في «غران ليسيه اشرفية» ان تضاف في السنة الدراسية 2022 ـ 2023، الى قيمة القسط السنوي نسبة مقطوعة بالدولار الأميركي لم تحدد قيمتها بعد.

استيفاء قسم من القسط بالدولار الأميركي أمر لجأت اليه مدارس أخرى مثل «انترناشونال كوليدج» البيروتية العريقة، التي فرضت مبلغ 3500 دولار أميركي على التلميذ الواحد تسدد على دفعتين، الى رفع قيمة القسط السنوي الى 40 مليون ليرة، وتحديد رسم فتح ملف للتلامذة الجدد الراغبين الالتحاق بالمدرسة بـ 2500 دولار أميركي. والنتيجة ان قسما لا بأس به من التلامذة غادر المدرسة، الا ان الأخيرة لم تتأثر نظرا لإقبال منقطع النظير من تلامذة جدد.

في مدرسة «ويلسبرينغ» الكائنة في منطقة المتحف بالعاصمة بيروت، ارتفع القسط السنوي من 15 مليون ليرة الى 23 مليون مرفقة بمقطوعية بالدولار بلغت 1600 دولار. «وهذا الامر مؤقت، اذ تبلغنا فرض زيادة أكبر على القسط السنوي السنة المقبلة بالعملتين الوطنية والأجنبية»، بحسب والد لتلميذ في مرحلة الصفوف الأولى (الروضة).

ويتفق القيمون على المدارس على ضرورة تقديم «مساعدات الحد الأدنى» للقطاع التعليمي لإعانته على الصمود معيشيا، والوقوف في وجه «إغراء الهجرة» الى دول الخليج، حيث تتوافر فرص عمل مرفقة بتحصيل رواتب بالعملة الأجنبية.

أرقام افراد القطاع التعليمي الذين غادروا البلاد تتزايد، وخصوصا من الكوادر التربوية أصحاب الخبرات والتدريب العالي في البكالوريا الدولية والفرنسية وغيرهما.

ويشير تقرير للإحصاء المركزي الى انتقال 72 الف تلميذ من المدارس الخاصة الى المدارس الرسمية. ويتحدث عن تسرب عدد كبير من التلامذة مؤخرا.

امام كل ما سبق ذكره، يجهد القطاع التربوي اللبناني للصمود والبقاء علامة مميزة في هذه البقعة من الشرق الأوسط. ومما لا شك فيه ان القطاع التربوي تأثر بالأزمة ـ الضائقة التي تمر بها البلاد، لكن القيمين عليه يكافحون و«يستنبطون» حلولا «من جيوب» الأهالي.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى