لا نريد وطناً جديداً.. فدعونا لا نقول "رزق الله"

لا نريد وطناً جديداً.. فدعونا لا نقول "رزق الله"
لا نريد وطناً جديداً.. فدعونا لا نقول "رزق الله"
انتهت 2022. وعام جديد نبدأه اليوم بتكهنات حول مستقبل لبنان وشعبه، في بلد يغرق بالفقر والعوز، ربما بقي صامداً بقليل من المساعدات ونظام "كراتين الاعاشات" المتنقلة بين الطوائف، وبتحويلات مغتربين أنعشت سوق التبادل ما بين الدولار والليرة، وأمنت للبنانيين استمرارية في تحديات تأمين القوت اليومي. فلم يكن لبنان الذي عرفناه يوماً، وها هي تحديات جديدة ستضاف الى جردة العام المنصرم تختزل معها السؤال الأبرز الذي يشغل بال اللبنانيين جميعا: متى ستفرج؟ 

 
حكما، لا أحد يملك إجابة عن هذا السؤال، وإن كان الجميع يتفق على أنّ 2022 كان من الأعوام الأكثر قسوة على اللبنانيين. استوقفتني عبارة كتبها أحدهم تقول: "وداعا أيها العام النذل اللئيم"، ولكنّه لم يكن ليجرؤ على توقع ما ينتظره في 2023، ربما ايماناً منه بانّ الغد سيكون أفضل ولا تدوم مرارة حياة الى الأبد، وربما يكون ذلك الطريق الى عدم الاستسلام والاحتكام الى الواقع المر، بل التأمل والترقب بغد أفضل، بما يشبه شكل لبنان الذي انتفض مع كل نكبة سياسية او امنية او اقتصادية مرّ بها بتاريخه السياسي الحديث والقديم. 
 
أسئلة لبنانية بامتياز  

وبذلك يُرحّل اللبنانيون معهم أسئلة من 2022 الى 2023، ستبقى نفسها طالما انّ لا عصا سحرية مرّت بعد على البلد ولا تسوية إقليمية او دولية لحقته، ولا اتفاق لبنانيا على الخروج من المستنقع. "اديش الدولار اليوم"، السؤال الأول، غالبا ما نسأله ثلاث مرات في اليوم وكأنه وصفة دواء "مرّة" فتقلبات التطبيقات لا تهدأ، وتحليلات رجال الاقتصاد حفظناها عن ظهر قلب. هي أسئلة لبنانية بامتياز، يليها "طلع جدول البنزين اليوم او بعد"، فهذا ما يحدد ما إذا كنا سنقف في طابور او ندفع على "الجديد او القديم"، أو "في بنزين أصلا". سؤال ثالث لأب وأم يتنقلان بين الصيدليات "في حليب؟"، ورابع "كم ربطة خبز بيطلعلي"، وخامس "اديش صارت علبة مسكن وجع الراس، واذا فيني اخود ظرف". وهناك أسئلة أخطر، مثل "ماذا سيحدث إذا مرضت واحتجت الى مستشفى"، وسؤال اخر: "دواء السرطان مسرطن؟"، وغيرها من الأسئلة المرتبطة بالفاتورة الاستشفائية المرتفعة. والكارثة ايضاً في أسعار السرفيسات والتاكسي، يليها تصليحات السيارة و"كله على الدولار"، حتى سمعنا عن كثيرين من السائقين وغير السائقين الذين ركنوا سياراتهم تحت منازلهم لعدم قدرتهم على إصلاحها الى أجل غير مسمى.  

ومن الأسئلة المرتبطة بالتحديات اليومية بشكل غير مباشر كما الاكل والشراب، وإن كانت لا تقل أهمية عما سبق، وهي: "في رئيس جمهورية؟"، "وهل سنشهد على حكومة من غير تصريف الاعمال، وهل سيفك القضاة اضرابهم الأطول بتاريخ لبنان، هل قد نشهد على تحركات شعبوية مشابهة لما حصل في الـ2019، والى متى لن يُحاسب أحدا بعد على ما ارتكب من افظع جريمة على تاريخ لبنان وهي انفجار المرفأ... واسئلة كثيرة لكم ان تطرحوا المزيد منها بعد كما شئتم.  

تركونا نعيش  

ولإنّ دوام الحال من المحال، نحن اللبنانيون اليوم، لا نريد وطناً جديداً، نريد لبنانا ينعم بهدوء أمني واستقرار مادي، غير محتكم بحيتان المال، بعيداً عن تلك العبارة النتنة التي تقول "سرقونا بس تركونا نعيش". دعونا نعيش حقاً، بما يليق بلبنان وشعبه المحب والكريم، لا تتركوا هذا الشعب مرتهنا لتقلبات السوق الموازية وجشع التجار والفساد، لا تدعوه يدفع ثمن سياستكم أنتم عندما فشلتم في التوصل على اتفاق على رئيس جديد للجمهورية، لا تعاقبوه بفشلكم عن اصدار القرارات المصيرية التي ترتبط بمعيشته بسبب تجاذباتكم السياسية وحصصكم. دعونا لا نترحم على الـ2022، ولا نقول "رزق الله". وكل عام ولبنان واللبنانيين بألف خير.  

 

 

  

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى