أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في خطبة اليوم الجمعة، أنّنا “نعيش أزمة وطنية كبرى تفترض تكريس أكبر تضامن سياسي لمنع أي خطأ استراتيجي يطال هويتنا وهويّة لبنان. والتركيبة الميثاقية لبلدنا تُشكّل أساس البناء الحاسم للقرار الوطني. ولبنان بتاريخه وإمكاناته الداخلية أعقد من فكرة التحوّلات الإقليمية، ولا يمكن أن نختزل جوهر البلد بشخص أو مركز، وعمر العقيدة الوطنية للبنان من عمر نشأته التأسيسية، ولذلك لا بدّ من الهدوء والتروّي بالحسابات الوطنية حتى لا ينفجر لبنان، وحذارِ من الحسابات الوهمية لأنّها أكبر تهديد يطال صميم استقرار بلدنا”.
وتوجّه قبلان للقوى السياسية بالقول: “إنّ لبنان شراكة وطنية، والخذلان السياسي خيانة عظمى، والسكوت جريمة أكبر من مصالح الزواريب. وتذكّروا أنّ السياسة في البلد ليست لعبة سلطة وتنفيعات خارجية، بل هي عيش مشترك وتكوين تاريخي يطال أصل وجودنا. لذلك فإنّ الانقسام لا يصحّ أن يضع لبنان ضدّ هويته التأسيسية، وسيادة لبنان إنما تُقاس بمصالحه لا بمصالح الخارج. والخطورة إنما تكمن بالتخلّي الوطني وهنا أصل المشكلة، لأنّ هناك من يتخلّى عن الجنوب والبقاع والضاحية، ولا يهمّه أمر الاعتداءات الإسرائيلية، ونكاد نكون أمام حكومة لبنانية متخلّية من وظيفتها الوطنية، بل للأسف هذه الحكومة لا تريد أن تكون بموقع الضامن الوطني. والمطلوب إدارة دولة لا إدارة طوائف ومناطق، وأن تكون الحكومة تحت السيادة والمصالح الوطنية وليست وسيط صفقات خارجية، فلا يمكن للخارج أن ينتصر إلا إذا تنازل الداخل عن مصالح وطنه”.
كما شدّد على أنّ “اللحظة الآن لتأكيد لبنانية البقاع والجنوب والضاحية وسط هذا التخلّي، ولا مكان للضعف ولا للانهزام ولا للتراجع. والبلد بلد أثمان تاريخية كبرى وهائلة، وسيبقى الجيش والمقاومة والشعب ضمانة وطنية قوية وخيارًا دفاعيًا وثيقًا. واللحظة للتعاون والتضامن لحماية لبنان من أي مقامرة خاطئة، والعين على شعبنا اللبناني الأبيّ المطالب بتكريس العيش المشترك والتعاون الكامل. والكنيسة والمسجد مطالبان بتدشين خطاب وطني يطال صميم القيمة التأسيسية للبنان، ومصير جبل لبنان يرتبط بمصير جبل عامل، وكذلك مصير البقاع يرتبط بمصير الشمال، ولا قيمة لبيروت العاصمة من دون سيادة الجنوب، ولا قيمة للبنان إلا بالانتصار لوجوده التاريخي وقيمته الميثاقية ووحدته الوطنية”.



