كتب نخله عضيمي في “نداء الوطن”:
ينعقد اجتماع باريس على وقع اعتداء سيدني الذي لا يُقرأ كحدث معزول، بل كعنصر ضغط إضافي على طاولات القرار، وخصوصًا في اجتماعات حساسة كاجتماع العاصمة الفرنسية، حيث يزداد منسوب القلق من أي خطأ في الحسابات قد يؤدي إلى تداعيات أمنية عابرة للحدود.
ومن المتوقع أن يشارك في الاجتماع الذي يبدأ في 17 من الجاري الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان ومستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آن كلير لوجاندر وعن الولايات المتحدة الأميركية الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس وعن السعودية الموفد السعودي الأمير يزيد بن فرحان. كما يحضر في اليوم التالي قائد الجيش رودولف هيكل الذي سيصل إلى باريس للمشاركة مباشرة في الحوار حول احتياجات الجيش ودور المؤسسة العسكرية في المرحلة المقبلة. وفي المعلومات، إن الموفدين الدوليين سيبلغون الجانب اللبناني رسالة واضحة وهي ترتبط بنزع سلاح “حزب الله” في أسرع وقت ممكن. وتكشف مصادر دبلوماسية لـ “نداء الوطن” أن كل الأمور مربوطة ومتشابكة مع بعضها البعض على قاعدة لاءات ثلاث: لا دعم من دون خطوات نزع السلاح، ولا زيارة لهيكل إلى واشنطن من دون خطوات عملية على هذا الخط، ولا استقرار إلا بالتزام واضح ضمن روزنامة نهائية لإنهاء أي سلاح غير شرعي خارج إطار الدولة في لبنان. كما ينتظر أن يتطرق البحث في جزء من الاجتماع إلى مجموعة ملفات اقتصادية وصولًا إلى الانتخابات النيابية المقبلة.
3 مسارات تلي اجتماع باريس
الأهم ما سيلي اجتماع باريس، إذ إن المرحلة لن تكون أقل أهمية من مداولاته نفسها. فمن منظور أمني استراتيجي، يمكن حصر المرحلة المقبلة بثلاثة مسارات رئيسة: الأول، على المدى القصير وسيسقط سريعًا إذا استمرت المراوحة في لبنان، ويقوم على استمرار سياسة إدارة الأزمة عبر ضبط الإيقاع الميداني، وتكثيف الضغوط السياسية والدبلوماسية على الأطراف اللبنانية، مع تعزيز دور الجيش اللبناني كحاجز أمني يمنع الانزلاق نحو مواجهة شاملة، من دون تقديم حلول جذرية.
المسار الثاني، يتمثل في انفلات محسوب، حيث تؤدي أي حادثة أمنية إضافية، داخل لبنان أو خارجه، إلى كسر محدود لقواعد الاشتباك، يستخدم لتحسين شروط التفاوض لا لإشعال حرب شاملة. هذا النموذج يعيد إلى الأذهان مراحل تاريخية سابقة، حين تحولت الأحداث الأمنية الصغيرة إلى أدوات ضغط في لعبة إقليمية أكبر.
أما المسار الثالث، والأكثر خطورة، فيكمن في فقدان الدبلوماسية قدرتها على الاحتواء، فيعاد إنتاج منطق الذرائع الذي سبق اجتياحات الماضي. غير أن هذا الاحتمال، رغم بقائه قائمًا، يصطدم اليوم بجملة محاذير دولية وإقليمية تجعل الذهاب إليه خيارًا أخيرًا لا أوليًا.
إذًا، اجتماع باريس سيرسم الإطار العام للمرحلة المقبلة بمباركة أميركية – فرنسية – سعودية، مع اعتبار فترة الأعياد حتى مطلع العام الجديد مرحلة انتقالية ستمر مبدئيًا بحذر بانتظار مفاعيل الرسائل النهائية التي ستبلغ إلى من يعنيهم الأمر على طاولة اجتماع العاصمة الفرنسية وعلى قاعدة: الفرصة الأخيرة وقد أعذر من أنذر.



