شددّ عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب بيار بو عاصي أن الجميع في المجلس النيابي من مناطق ومشارب سياسية مختلفة “ولكن كل منا هنا يمثل كل الشعب اللبناني وليحترم كل الشعب اللبناني”.
وأشار خلال الجلسة الثانية للبيان الوزاري، إلى أن “الكلام الذي حصل هنا اليوم خلق توتراً وهذه المقاربات لا تجوز، وكما نحترم آراء وتطلعات الآخرين ننتظر منهم احترام رموزنا. بشير الجميل بالنسبة لنا رئيسنا ورمزنا وقدوتنا ولا نفرضه على الأحد ولكن احترمونا”.
ولفت إلى أنه “لطالما تساءلت عن ترجمة عبارة “بيان وزاري” الى اللغات الأجنبية وكنت دائماً أصطدم بحاجز ظننته في البدء لغوياً لكنه في الواقع ثقافياً، فرديف عبارة بيان وزاري بالفرنسية أو بالانكليزية هو “اعلان السياسة العامة “Déclaration de politique générale” ، والفارق كبير بين الاثنين”، مشيرًا إلى أن “وحدها سياسة الحكومة العامة تسمح بتحويل الاقوال الى افعال، فتخضع الحكومة مجتمعة متضامنة للمساءلة أمام الشعب وممثليه في البرلمان”.
وأضاف: “أما البيان الوزاري فقد يكون مجموعة سياسات خاصة للوزراء والافرقاء السياسيين كل على حدة مما لا ينتج سياسة عامة متجانسة وهذا ما شهدناه في غالب الأحيان. فكما الموازنة هي شاملة لا يمكن تخصيصها او تجزئتها كذلك السياسة العامة لابد ان تكون شاملة من دون تخصيص ولا تجزئة فتكون الموازنة العامة انعكاساً لها”.
وأشار بو عاصي إلى أنه “من موقعي كنائب عن الامة اللبنانية جمعاء وكوزير سابق للشؤون الاجتماعية، وقناعة مني بأن الانسان المحتاج يجب ان يكون في قلب اهتمامات الدولة ومؤسساتها، لابد لي من التوقف عند الشأن الاجتماعي بشكل خاص”.
أما عن برنامج الاسر الاكثر فقراً، فقال بو عاصي أنه “ورد في البند العاشر: توسيع عمل البرنامج الوطني لاستهداف الفقر (الاسر الاكثر فقراً) وتأمين التمويل له ليشمل الاسر الاكثر فقراً والعمل على تطبيق برامج الانتشال من حالة الفقر (تخريج). هذا البرنامج موجود وفعال ولا بدّ من دعمه وتعزيزه لتشمل خدماته كافة الـ 44 ألف عائلة المصنّفة تحت خط الفقر المدقع”.
واكّد ان “مكونات البرنامج هي الاستهداف والخدمات والتخريج ويبقى سرّ نجاحه الأول ابعاده عن التجاذبات السياسية الضيقة والزبائنية. ويبقى الاهم هو ضرورة ايجاد التمويل المستدام لهذا المشروع. فهو يعمل بشكل أساسي اليوم بفضل الهبات الدولية ولكن على الدولة اللبنانية أن تجد وسائل تمويل ذاتية لهذا المشروع من خزينة الدولة لأن الهبات سوف تتوقف عاجلاً أم آجلاً “.
ولفت إلى أنه “بالاضافة الى كون هذا المشروع حيوياً لمن يعيشون مأساة اجتماعية حقيقية، فهو يستجيب بشكل مباشر الى معالجة الهدفين الاولين من اهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030”.
وأضاف بو عاصي: “ورد في البيان الوزاري أيضاً النية هي لخفض الانفاق على المساهمات للهيئات التي لا تتوخى الربح. سؤالي هو: هل هذه الهيئات تشمل مؤسسات الرعاية؟”.
وذكّر ونبّه بأن العمل الاجتماعي في لبنان قائم على الشراكة بين الدولة ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية ومؤسسات الرعاية. فالدولة تضع السياسات والمعايير وتمول، جزئياً أو كلياً، وتراقب.
أما مؤسسات الرعاية فهي التي تعنى باليتيم والمرأة المعنّفة والمسن والمدمن وأخيراً وليس آخراً بذوي الاحتياجات الخاصة، وقال: “أيّ مسّ بموازنات ومساهمات هذه المؤسسات ينذر بكارثة اجتماعية ومأساة انسانية وانفجار اجتماعي محق ومحقق”.
وأكد أن هذه المؤسسات بحاجة لدعم اضافي بسبب ارتفاع سعر الكلفة وبسبب التزايد المستمر لعدد المسعفين محذراً من خفض موازناتها او التأخر في دفع مستحقاتها لأن “التأخير أدى في دفع مستحقات مركز السيدة في الحدث التابع لمؤسسة الكفاءات الى اقفال المركز الذي يعنى بأصحاب الاعاقة العقلية الشديدة. مما خلق ازمة انسانية واجتماعية للمعنيين واهلهم تعمل وزارة الشؤون الاجتماعية جاهدة على حلها”.
وفي ملف الاسكان ، قال بو عاصي: “كما ورد في البيان الوزاري: وضع سياسة اسكانية واعتماد سياسة دعم القروض الاسكانية ضمن شروط المؤسسة العامة للاسكان… لقد آن الاوان لوضع سياسة اسكانية واضحة لذوي الدخل المحدود على اساس القروض المدعومة والفوائد المخفضة وذلك يتطلب سياسة عامة تضعها الحكومة مجتمعة حيث تتداخل في سياسة الاسكان المؤسسة العامة للاسكان والاسلاك العسكرية ومصرف لبنان والمصارف اللبنانية وغيرها، وبالتالي لا بدّ من عمل جماعي لايجاد الحلول الناجعة”.
وأضاف: “كما القروض السكنية هي قروض طويلة الامد، فإن الحلول يجب ان تكون مستدامة. ويبقى السؤال بالاضافة الى الخطة المعتمدة، ما هي مصادر التمويل؟ وبالتالي ما هي قيمة التمويل وما هي رزمة العقود المعنية، كما آليات الاشراف والرقابة. ايجاد الحلول لهذه المعضلة أصبح طارئا سيما ان الاسكان يحمل بعداً اقتصادياً وآخر اجتماعياً”.
وأكّد بو عاصي “لا يكفي اعتماد سياسات عامة بل يجب ترجمة هذه السياسات في الموازنة العامة والاّ بقيت حبراً على ورق وتحولت الى اعلان نوايا والفرق كبير بين اعلان النوايا والسياسات العامة. والسؤال المطروح هنا: هل أن موازناتنا موازنات فعلية أم نظرية؟ هل يستطيع الوزير تطبيق سياسة وزارته ضمن حدود موازنته المرصودة والانظمة والقوانين المرعية ام أن التأخير في تسديد المستحقات على قاعدة “الك معنا وما معنا” يعرقل تنفيذ السياسة الموضوعة فتتحول الى اهداف مستحيلة التحقيق وكل ذلك على حساب المواطن وحقوقه المشروعة؟”.
وشددّ على أن “كل تأخير في دفع المستحقات يصبح أكثر ضرراً واكثر خطورة في حال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومؤسسات الرعاية جزء منها، فيسبب التأخير في تعثر الشراكة او توقفها مع انعكاس سلبي مباشر على نوعية الخدمات الاساسية للمواطنين”.
ورأى أن “دول كثيرة مولت مشاريعها، سيما الاجتماعية منها، من خلال الاموال المرصودة اساساً لدعم فاتورة الكهرباء. لا أقول هنا إن علينا رفع الدعم اليوم عن فاتورة الكهرباء. ولكن عندما نلاحظ وبعملية حسابية بسيطة، بأن كلفة دعم الكهرباء في لبنان توازي 12 ضعف موازنة وزارة الشؤون الاجتماعية لا بدّ من طرح التساؤلات المشروعة”.
وأشار إلى أنه “اصبح من الضروري واكثر من أي وقت مضى ايجاد خطة على المدى المنظور كي يتحول جزء من كلفة دعم الكهرباء الى العمل الاجتماعي ولاسيما الاسر الاكثر فقراً وذوي الاحتياجات الخاصة”.
وختم: “لا بدّ للحكومة من الادراك بأنه وبالرغم من مشارب مكوناتها المختلفة فإن نواب تكتل الجمهورية القوية وانا واحد منهم، سوف يحاسبونها على ادائها وعلى التزامها بيانها الوزاري بإسم الشعب اللبناني مصدر كل شرعية”.