والأخطر من كل ذلك أن هذه الأجواء المشحونة فتحت شهية البعض على مواقع التواصل الإجتماعي في تحميل الفلسطينيين مآسي كل لبنان، وهي مواقف وصفها البعض بـ"العنصرية"، وذلك لما تضّمنته من تعابير كان اللبنانيون قد تخطّوا ظروفها، خصوصًا أنه سبق أن سُجل، وللمرّة الأولى، إجماع لبناني على رفض "صفقة القرن" لما فيها من إجحاف في حق الفلسطينيين، وكذلك على رفض التوطين والدفاع عن حق الفلسطينيين في أن يكون لهم وطن مكتمل المواصفات السيادية على أرضهم.
وحيال هذا الوضع المتوتر والمتأزم نشطت حركة الإتصالات على أعلى المستويات لإستيعاب ما حصل وحصر التوترات في حدود ردّات الفعل، التي يعتبرها البعض عفوية وتلقائية، وذلك قطعًا للطريق أمام المصطادين في المياه العكرة، خصوصًا أن وزير العمل أبدى مرونة لجهة التعاطي مع الموضوع بعقلانية وبعيدًا عن المزايدات، بحيث يأتي أي حل ممكن لمصلحة لبنان والفلسطينيين على حدّ سواء، وعودة الأمور إلى مسارها الطبيعي، وهذا ما يؤمل الوصول إليه في الأيام المقبلة على أساس فتح قنوات التواصل بين المسؤولين اللبنانيين والمسؤولين الفلسطينيين في الداخل والخارج، مع التذكير بأن لبنان لم يألُ جهدًا في الدفاع عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية في وجه أطماع العدو الإسرائيلي، الذي لا حدود لأطماعه.
فالقضية المحقة للشعب الفلسطيني هي مقدسة بالنسبة إلى اللبنانيين، الذين يبدو أنهم غير مستعدين للتنازل عن قناعاتهم لمجرد حصول إشكالات ناجمة عن سوء تصرّف أو تقدير من أي طرف كان، الأمر الذي يؤكد متانة العلاقة اللبنانية – الفلسطينية القائمة على الإحترام المتبادل وأحقية الإعتراف بالحق الفلسطيني وقضيتهم المحقّة، مقابل الإعتراف من قبل الفلسطينيين بسيادة لبنان على أراضيه وحقّه في الحفاظ على القوانين وتطبيقها من دون أن يؤدي ذلك إلى تعكير الأجواء، التي تصبّ في النهاية في خدمة المشروع الإسرائيلي الإستيطاني والتوسع على حساب السيادة الفلسطينية.