أما لجهة توصيف ما حصل في قبرشمون سواء أكان حادثًا مؤسفًا ذهب ضحيته شابان في مقتبل العمر، أو كان كمينًا مدّبرًا عن سابق تصوير وتصميم لإغتيال الوزير صالح الغريب ومرافقيه، فإن هذا الأمر يُترك تحديده للقضاء، سواء أكان عسكرًيا أم مدنيًا، الذي يعود له وحده حق حصرية التوصيف، وذلك بعد إستكمال التحقيقات، التي بدأها بكل جدية ومسؤولية وموضوعية وشفافية، شرط ألا يكون للتدخلات السياسية، من أي جهة كانت، أي تأثير على مجريات التحقيق. فإذا ثبت للقضاء بالدليل القاطع أن وراء حادثة قبرشمون مخططًا مدّبرًا لإغتيال الوزير الغريب يرفع إقتراحه لمجلس الوزراء بإحالة الملف على المجلس العدلي. أما إذا ثبت أن الحادثة جاءت كردّة فعل على فعل تبقى محصورة ضمن المحكمة العسكرية.
أما أن تبقى هذه المسألة عالقة في شباك السياسة، مع ما يرافقها من تعطيل لعمل مجلس الوزراء، الذي بدأ عندما أستعاض بعض الوزراء جلسة السراي الحكومي بإجتماع في وزارة الخارجية والمغتربين، فهو ما لا يمكن القبول به، تحت أي ظرف أو حجة أو ذريعة.
ووفق منطق البعض فإن مسألة تحويل ما حصل في الجبل منذ ما يقارب الثلاثة أسابيع على المجلس العدلي هي أهمّ بكثير من إستعادة الدولة أنفاسها، بعدما أُطلقت الموازنة العامة من ساحة النجمة، على رغم ما عليها من ملاحظات، وهذا الأمر من شأنه أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، ويجمّد عمل الحكومة المتعثّرة أساسًا، والتي تحتاج في كل لحظة من الوقت الضائع والمستقطع إلى ما يعيد إليها دورها الضائع في زواريب السياسة الضيقة، والمحاصَرة بفيتوات من الجهات الأربعة، مما يجعلها إسمًا على غير مسمّى، وهي التي أختارت عنوانًا لها منذ تشكيلها "حكومة إلى العمل"، وكان حريّ بها أن تختار غير ذاك الشعار، كمثل "حكلي تحكلك"، أو "مشيلي تمشيلك"، أو "عرقلي تعرقلك"، مع ما لهذه الشعارات من تطابق مع الواقع، الذي تعيشه هذه الحكومة ما إن أبصرت النور بعد جهد جهيد.