تعثّر الحكومة... إنعكاسٌ لتصعيد إقليمي أم لحسابات داخلية؟

تعثّر الحكومة... إنعكاسٌ لتصعيد إقليمي أم لحسابات داخلية؟
تعثّر الحكومة... إنعكاسٌ لتصعيد إقليمي أم لحسابات داخلية؟
تختلف دوافع التعثر الحكومي وأسبابه من دون وجود خلاف على أن النتيجة واحدة وهي "التعطيل". من هنا ينبغي البحث عن المصالح التي تدفع طرفا أو أكثر في لبنان إلى تعليق جلسات مجلس الوزراء مع وفرة التكهنات حيال السير على الخيط المشدودعلى توتر إقليمي غير مسبوق خشية وقوع لبنان في قعر سحيق من الصراعات الطائفية.

معظم الآراء تنظر الى إثارة توقيع رئيس الجمهورية على الموازنة إعتراضا على  مادة في الموازنة من باب إيجاد ذرائع يستند اليها الوزير جبران باسيل في سياق القبض على القرار الحكومي. ووفق  تفسير أحد المتابعين فإن الموضوع أبعد من مجرد قرار حكومة أو مادة في قانون، بل هو مرتبط بالقبض على القرار في لبنان، إذ أن  أزمة قبرشمون قد أستهلكت وبات الامر مقلقا  للغاية لناحية عدم إنعقاد جلسات الحكومة لمدة تتجاوز الشهر، والمتزامن مع أزمة إقتصادية خانقة  وسط المؤشرات السلبية، حيث تشير بعض التقديرات الى قرب الانهيار الشامل إذا لم يجر تدارك الوضع.

 لا ينفصل توضيح مصادر رئيس الحكومة عن هذا السياق، خصوصا بعدما أشارت بوضوح إلى أن بقاء الحريري مرتبط  بحاجة لبنان لمندرجات مؤتمر "سيدر" والحفاظ على الاستقرار المحلي  كما الاحاديث عن تسهيل "حزب الله" لفض الخلاف القائم والعمل عبر اللواء عباس إبراهيم  على خط المعالجات في قضية  قبرشمون وحلها على طاولة مجلس الوزراء عبر تحويلها على المحكمة العسكرية، لكن كل المساعي المبذولة كان مصيرها الفشل بعد تراجع رئيس الجمهورية من ناحية، وتشدد الوزير السابق طلال ارسلان وتمسكه بإدراج الحادثة في جدول أعمال الحكومة من ناحية أخرى.

قياسا على ذلك، تلقى الرئيس سعد الحريري جرعة دعم جديدة للحفاظ على الصلاحيات عبر زيارة رؤساء الحكومات السابقين والتشديد على إتفاق الطائف كمرجعية دستورية وقانونية. فما يجري من  اختراع بدع وأعراف جديدة لا يمس بصلاحيات رئاسة الحكومة بقدر ما يضرب أسس إتفاق الطائف الذي نقل صلاحيات واسعة من رئاسة الجمهورية الى مجلس الوزراء مجتمعا، وباتت قناعة راسخة بأن المسار الطويل والشاق في  تشكيل الحكومة نابع من نوايا القبض على القرار الحكومة والتصويب على دور رئيس الحكومة من خلال النصاب أو جدول الاعمال.

 في المقابل، تتوجس المختارة  من "عزل وليد جنبلاط كجزء من مخطط مرتبط بالازمة السورية و صراعاتها"، ما يوحي بأن زعيم المختارة يخوض معركة وجودية بإمتياز ما يستلزم شد العصب لانصاره، وهذا ما نجح به نسبيا خلال المرحلة الماضية. اما المفارقة فهي التعاطف الذي يبديه الرئيسان نبيه بري وسعد الحريري، ليس لكونهما  من ضمن اطراف اساسية ابرمت التسوية التي أفضت إلى وصول العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة،  بل كونهما شركاء اساسيين في الحكم، ومن السذاجة  الاعتقاد بأن الرئيس عون قادر على أن يمسك مقاليد السلطة وحده كما كان الوضع في صيغة الـ43 في ظل صلاحيات رئيس الجمهوية المطلقة.

تذهب بعض التكهنات حول حقيقة العرقلة الحاصلة  في لبنان وإرتباطها بتشديد العقوبات الاميركية على إيران أو حرب ناقلات النفط في مضيق هرمز، ومن الطبيعي القول بأن لبنان جزء من الاشتباك الحاصل في المنطقة، فيما تشير بعض الآراء إلى أن التعثر في الاداء الحكومي ليس سوى إنعكاس لحرب باردة تخوضها الدول الكبرى بالواسطة على غرار ما كان يحصل أيام الحرب الاهلية المشؤومة في ظل إنفلات الخطاب الطائفي من كل ضوابط على إعتباره "الغراب" الذي يضع مصير  لبنان على حافة الخراب.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى