عن أخوة البيك والمير!

عن أخوة البيك والمير!
عن أخوة البيك والمير!
قد لا تكون القطيعة بين رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط ورئيس "الحزب الديمقراطي اللبناني" طلال أرسلان وليدة لحظة حادثتي الشويفات وقبرشمون، فالاصطفافات الدرزية تظهّرت جلياً مع انتخابات 6 أيار العام 2018، والسجال بين الزعيمين احتدم قبل نحو شهرين من الانتخابات النيابية، بعدما كانت العلاقة بين الرجلين في مد وجزر، غير أنها لم تكن مقطوعة، بدليل أنه خلال أحداث السابع من أيار تولى أرسلان برغبة جنبلاطية إدارة التفاوض مع حزب الله لإنهاء النزاع في الشوف والشويفات والقرى المحيطة بها، هذا فضلا عن تأكيد الطرفين عند كل محطة على وحدة الصف رغم الاختلاف في وجهات النظر تجاه القضايا الاقليمية، لا سيما الأزمة السورية، واتفاقهما على الخطوط الحمراء التي تحفظ الجبل والتي تحفظ الطائفة الدرزية والوطن بشكل عام.

فما الذي تبدل؟

لا شك أن أرسلان قد خاض غمار الاستحقاق النيابي في أيار 2018 لأول مرة خارج المساحة الجنبلاطية التي كانت تترك له في انتخابات القانون الاكثري. فقانون النسبية رغم أنه أفرغ من مضمونه فإنه ساهم الى حد كبير في تأمين صحة التمثيل السياسي.

لقد رسخ رئيس" الديمقراطي" حلفه مع عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومع الوزير جبران باسيل كرئيس للتيار الوطني الحر في تحالف دائرتي الشوف – عالية والجنوب الثالثة، بيد أن أواصر هذا التفاهم والتوافق بين الرابية وخلدة لم يطب لبيك المختارة، وهو الذي أدرك، بحسب المتابعين أن العودة المسيحية إلى الجبل من البوابة الأرسلانية بغض النظر عن نسبتها الشعبية، سوف تشكل غطاء لعودة لا تسلم  بقواعد مصالحة العام 2002 التي جرت حياكتها وفق المعيار الجنبلاطي التاريخي. وبالتالي فقد أدرك "بيك كليمنصو" ان شراكة "المير" مع البرتقاليين والرئاسة الاولى وبتبني خفي من حزب الله، بمثابة مشروع يهدد الاحادية الجنبلاطية ويأخذ الدروز الى ثنائيات كما الطوائف الأخرى.

إن أيا من الطرفين لا يمكنه التراجع عن مواقفه حيال ملف قبرشمون والمسار القضائي الذي ستؤول إليه الحادثة. فالتوقيت حرج للمير والبيك، ولذلك لم تتبلور بعد ملامح التسوية وباءت كل المبادرات بالفشل، فكلاهما يرى أن اللحظة مصيرية. جنبلاط الذي يقرأ في ما يجري من حوله، محاولة لتحجيمه ومحاصرته وتضييق الخناق عليه بايعاز خارجي، يعتبر أنه سيكون أمام معركة مواجهة  لتجنب المزيد من سياسات الهبوط الاضطراري التي لجأ اليها في الاونة الاخيرة عند اكثر من مفصل حكومي. أما أرسلان الذي يرى أن الواقع الراهن يصب في مصلحة حزبه من دون منة من أحد، فهو آخذ في الصعود بدعم من حارة حريك وبعبدا والرابية وبالتالي سيبقى متمسكا ومتشبثا بموقفه من إحالة قضية البساتين الى المجلس العدلي.

في 5 حزيران العام 2017 وخلال حفل بوضع حجر الأساس لمركز مؤسسة المرحوم الشيخ ابو حسن عارف حلاوي الخيرية في بلدة الباروك، اتفق زعيما المختارة وخلدة على كلمة واحدة القاها الاخير وتساءل فيها يومذاك: "لماذا ينزعج البعض عندما اقول أخي وليد بك جنبلاط؟! فمن مبدأ الاحترام والاخلاق بالتعاطي بيننا فإنك أخي وستبقى أخي وليد بك جنبلاط. قد نختلف بالسياسة صحيح، لكننا لن نصبح اعداء ابدا ومن يراهن على ذلك ليخيط بغير هالمسلة".

ان العودة إلى مواقف العام 2017 مردها القول ان ما قبل العام 2018 ليس كما بعده فقواعد اللعبة تغيرت عند الطرفين، ما يعني أن مصطلح الاخوة بين البيك والمير لم يعد صالحا، فالتصدع بينهما يتجه نحو المواجهة مهما كان شكل المصالحات التي قد تترتب في مرحلة مقبلة. ليبقى الاكيد ان الخلاف الدرزي - الدرزي دفع بالمشهد الى صورة علاقة الطوائف بعضها ببعض وقدرة هذه الطوائف على ايجاد لغة مشتركة أو تنظيم حقيقي لمصالحها.

 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى