تحت عنوان اللاعب الأضعف وطنيّاً، كتب شارل جبور في "الجمهورية": إنّ إنهاء حادثة قبرشمون ـ البساتين من خلال مصالحة بعبدا وعودة الانتظام الحكومي لا يعنيان انتهاء مفاعيلها الوطنية، ومؤشراتها السياسية، وما أفرزته من توازنات جديدة على المسرح الوطني.
فمعركة المجلس العدلي خيضَت بالطريقة نفسها، اي الضغط إلى حين إقراره في مجلس الوزراء، وتركّز هذا الضغط على رئيس الحكومة سعد الحريري من أجل ان يدعو إلى جلسة حكومية يُصار فيها إلى التصويت على المجلس العدلي، ولم يكن رفع مستوى المواجهة من قبل رئيس الجمهورية بتأكيده انّ "حادثة البساتين كانت مَكمناً أُعِّد للوزير جبران باسيل"، أو رفضه اي مصالحة عشائرية قبل الإحالة على المجلس العدلي، سوى من باب الضغط من أجل انتزاع هذا الهدف.
وأمّا الأسباب التي حالت دون ان يتمكّن العهد من انتزاع الهدف العدلي الثمين، فتكمن في الآتي:
أولاً، تمسّك جنبلاط بموقفه الرافض للمجلس العدلي وعدم بروز أي إشارة منه بنيّته التراجع، وتضامن الحريري معه، والذي تعامَل مع طلب رئيس الجمهورية بالدعوة إلى جلسة حكومية، مُستنداً فيها إلى المادة 53، وكأنه غير موجود، كما تضامن رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.
ثانياً، بيان السفارة الأميركية الذي أكّد هواجس "حزب الله" وثَبّتها من تحويل حادثة البساتين إلى دفرسوار للتدخّل الأميركي المباشر من خلال اتهامه بضرب التوازنات اللبنانية وتصفية الحسابات، وفي ظل خشيته من التصويب عليه في الوقت الضائع والفاصل بين المواجهة أو انطلاق المفاوضات الأميركية - الإيرانية.
وفي موازاة بيان السفارة، فإنّ الحزب الذي لا يمانع بتسجيل هدف ثمين في مرمى جنبلاط، إلّا انه في الوقت نفسه يتجنّب انهيار الاستقرار الأمني والسياسي خصوصاً أنّ الوضع الحالي لا يشكّل له مصدر قلق وإزعاج لمجازفة من نوع هَز الاستقرار، لن يبارك مغامرة ليست من صنع يديه وقد تؤدي إلى إرباكه وإدخاله في مسار لا يريده.
ثالثاً، القلق من الوضع الاقتصادي، خصوصاً مع تَسارُع وضعية الانهيار بسبب غياب الاستقرار السياسي، الأمر الذي جعل حلّ أزمة البساتين وعودة الحكومة إلى اجتماعاتها وتثبيت الاستقرار السياسي أولوية مطلقة لمواجهة التحديات الاقتصادية والمالية.