أخبار عاجلة
ثردز تسهل العثور على المحتوى الحديث -
جوجل تضيف Gemini إلى مجموعتها التعليمية -

تضامن لبناني مع تركيا.. المئوية مناسبة للانفتاح أم لإثارة النعرات؟

تضامن لبناني مع تركيا.. المئوية مناسبة للانفتاح أم لإثارة النعرات؟
تضامن لبناني مع تركيا.. المئوية مناسبة للانفتاح أم لإثارة النعرات؟

كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": لا يمكن أن تسير في أي شارع ضمن أي منطقة أو مدينة في تركيا إلا ويقع نظرك على مجموعة من اللبنانيين، جاؤوا إما للسياحة والاستجمام أو للتجارة، أو للعلاج أو للدراسة أو للتملك أو لشراء الأدوية والألبسة والحاجيات الضرورية، فهذه البلاد التي تفتح ذراعيها للبنانيين من دون تأشيرات دخول ترجمة لمسار تاريخي من العلاقات الممتازة بين البلدين، تسعى الى أفضل علاقات مع لبنان الذي يبادلها من خلال أكثرية مكونات شعبه بكل الود والمحبة والاحترام، ما يجعل التعاطي بين الشعبين مميزا سواء في لبنان أو في تركيا.

 

لا يختلف إثنان على أن القلق كان سيد الموقف لدى غالبية اللبنانيين خلال اليومين الماضيين، بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول الحقبة العثمانية، وإستدعى ردا من الخارجية التركية، وردا مضادا من الخارجية اللبنانية، وقد تضاعف هذا القلق يوم أمس وإستمر بعد إستدعاء الخارجية اللبنانية للسفير التركي في لبنان هاكان تشاكل، وذلك خوفا على مصير العلاقات اللبنانية ـ التركية التي يتطلع كثيرون الى أن تكون في أحسن أحوالها، خصوصا أن شريحة كبيرة جدا من اللبنانيين تعتبر تركيا إمتدادا إستراتيجيا لها، إنطلاقا من الروابط العائلية والدينية والتطلعات السياسية، والتوجهات الواحدة والعادات والتقاليد المشتركة الموروثة منذ مئات السنين والتي يسعى اللبنانيون والأتراك الى التمسك بها.

 

لا شك في أن تصريحات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول الحقبة العثمانية في إفتتاح الاحتفالات بمئوية إعلان لبنان الكبير تركت وراءها سلسلة من التساؤلات، لجهة: هل الاحتفال بمئة عام على تأسيس لبنان هو مناسبة لاثارة النعرات الطائفية أم لاظهار حضارة وإنفتاح هذا البلد ودعوة الجميع الى زيارته والسياحة فيه دعما للاقتصاد الذي يتداعى وتُعلن من أجله حالات الطوارئ؟، وهل يكون الاحتفال بالمئوية بإثارة مشاعر شريحة من اللبنانيين تجد في الامبراطورية العثمانية خلافة إسلامية ورمزا ونموذجا؟، ولماذا الايحاء بأن الاحتفال بالمئوية هو حصرا للمسيحيين؟، ولماذا التذكير اليوم بأن المسلمين كانوا يعارضون الانضمام الى لبنان الكبير؟، وما جدوى كل هذا الكلام الذي لم يعد يقدم ولا يؤخر وإنما يؤدي فقط الى شحن النفوس؟..

 

ثم بعد ذلك، لماذا إثارة حفيظة الأتراك في هذا التوقيت بالذات بالحديث عن الحقبة العثمانية وإطلاق تهم بحقها لا تمت إلى الحقيقة بصلة؟، وهل لهذا الأمر أبعاد سياسية؟، أو إرضاء لجهات معينة؟، أو تصفية حسابات بناء على أجندات خاصة؟، أم أن الأمر هو مجرد إلهاء للبنانيين أمام المخاطر الأمنية والاقتصادية التي يواجهها البلد؟، وكذلك، هل من مصلحة لبنان اليوم الذي تشكل تركيا متنفسا وحيدا له أن يصار الى ضرب العلاقة معها بهذا الشكل.

 

لذلك، فإن تصريحات رئيس الجمهورية لم ترق لكثير من اللبنانيين، وهي إستدعت ردودا عدة، أظهرت حجم التعاطف اللبناني مع تركيا، ليس على حساب لبنان، وإنما من أجل مصلحة لبنان الذي لم تقصر تركيا معه في إنجاز الكثير من المشاريع الانمائية والتأهيلية من بيروت الى صيدا الى طرابلس فالضنية وصولا الى عكار وذلك عبر مؤسسة تيكا، وكان آخر هذه المشاريع ترميم غرفة الأثر الشريف في الجامع المنصوري الكبير والتي تضم شعرة من لحية الرسول محمد كان أهداها السلطان عبدالحميد الثاني الى أبناء طرابلس الذين يعيش أكثرهم بين جنبات الآثار العثمانية التي ما تزال قائمة منذ تلك الحقبة..

 

لقد كان لبنان بغنى عن إطلاق تصريحات من هذا النوع وفي هذا التوقيت بالذات، كما كان بغنى عن الجوقة التي ساهمت في رفع وتيرة الشحن السياسي والطائفي من خلال تصريحاتها الفئوية، فمئوية لبنان الكبير من المفترض أن تكون إنطلاقة نحو بلد متطور قادر على مواجهة أزماته الأمنية والاقتصادية والبيئية والخروج منها وتأمين أبسط مقومات الحياة لمواطنيه، وليس عودة لنبش القبور وإثارة النعرات بمعلومات خاطئة، خصوصا إذا ما أخذنا الكلام التاريخي لبطريرك لبنان إلياس الحويك الذي قال: "لقد عاش لبنان وعاشت طائفتنا المارونية بألف خير وطمأنينة في عهد السلطان عبدالحميد الثاني".

 

وكذلك البطريرك بولس مسعد الذي أرسل شاكرا للسلطان عبدالعزيز عام 1871 على إمداد مناطق جبل لبنان بالحنطة خلال فترة المجاعة.

 

 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى