الليرة أولًا أم الدولار؟

الليرة أولًا أم الدولار؟
الليرة أولًا أم الدولار؟
في السابق، أي في الزمن الجميل من عمر الوطن، إذا كان أحدٌ يريد أن يتحدّث عن أمر جيد أو بإيجابية كان يشدّد مثلًا على أن بضاعته مثل الليرة، أي أنها لا تشوبها شائبة وهي نظيفة مثل الذهب أو مثل الثلج.
 
ولمن لا يعرف من جيل ما بعد الحرب في لبنان أن الليرة اللبنانية كانت تساوي تقريبًا ضعفي الفرنك الفرنسي، وكان في إستطاعة اللبناني أن يشتري من أسواق باريس بليرته، وكانت سمعتها مثل المسك.
 
أما اليوم فقد أصبح الإقبال على إستبدال الليرة بالعملات الصعبة هستيريًا بعد البلبلة وحرب الشائعات التي تتحدّث عن أن سعر صرفها في الأسواق قياسًا إلى الدولار سيتخطى عتبة الألفي ليرة، أي أن قيمة الليرة ستنخفض تقريبًا بما يوازي ثلاثين في المئة من قيمتها الحالية، أي أن الموظف الذي يتقاضى أجره بالليرة سيفقد من قدرته الشرائية ما يعادل ثلث ما يتقاضاه، لأن حركة السوق مرتبطة بالدولار أو اليورو، بإعتبار أن معظم ما يستهلكه يوميًا مستورد من الخارج بالعملة الصعبة، وهذا ما شهدناه من فوضى في قطاع المحروقات، الأمر الذي دفع حاكم مصرف لبنان إلى إصدار تعميم عن مسألة إستيراد المحروقات والقمح والدواء، وهو ما لم تقبل به النقابات التي رأت في هذا التعميم ما يتناقض ومصالح هذه القطاعات، مع ما يتم تداوله عن إختلاف سعر الدولار في أسواق النقد، مع رفض المصارف تحويل العملة الوطنية إلى الدولار، وذلك حفاظًا على قيمتها الشرائية.
 
وهذا الأمر دفع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى إثارة الموضوع في آخر جلسة لمجلس الوزراء ودعا إلى ضرورة البحث في مسألة التعامل بالليرة اللبنانية وفق ما تنص عليه القوانين والأنظمة المرعية الاجراء، فتحدث وزير الاقتصاد والتجارة منصور بطيش لافتاً إلى أن النصوص القانونية تلزم بالتداول بالعملة اللبنانية وأن المادة 192 من قانون النقد والتسليف تنص على فرض عقوبات على من يمتنع عن قبول العملة اللبنانية وكذلك قانون العقوبات. وقال الوزير بطيش أنه أصدر في 24 أيار الماضي تعميماً طلب فيه من جميع التجار الاعلان عن الاسعار بالليرة اللبنانية والتقيد بالنصوص القانونية المرعية ومنها القانون الرقم 659 الصادر في 4 شباط 2005 (قانون حماية المستهلك) الذي تنص المادة الخامسة منه على أنه يتوجب على المحترف الاعلان عن الثمن بالليرة اللبنانية بشكل ظاهر بلصقة إما على السلعة أو على الرف المعروضة عليه.
 
نظريًا ووفق مقتضيات المصلحة الوطنية والشعارات  تأتي الليرة أولًا، وهذا اقل الإيمان.
 
أما عمليًا ووفق ما تشهده أسواق النقد والتزاحم على إقتنائه يأتي الدولار أولًا، وهو أمر غير منطقي في المفهوم الوطني.
 
ولكن ما بين مقتضيات المصلحة الوطنية والمصالح الشخصية فإن الإقبال على إقتناء الدولار يدخل في أولوية أولويات المواطن الخائف من غدر الزمان، بعدما فعلت الشائعات فعلتها الخبيثة، على رغم التحذيرات منها.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى