استقالةُ الحريري جريئةٌ رغم السَطْوةِ لمنعِهِ

استقالةُ الحريري جريئةٌ رغم السَطْوةِ لمنعِهِ
استقالةُ الحريري جريئةٌ رغم السَطْوةِ لمنعِهِ
كتبت الهام فريحة: تحية إكبار إلى الجيش اللبناني الأبيّ قيادةً وضباطاً وأفراداً، وإلى جميع القوى الأمنية من قوى الامن الداخلي والأمن العام وجهاز أمن الدولة التي تواجدت أمس، منذ الصباح، في الساحات وعلى الطرق لمنع الاستفزاز أو التصادم بين أبناء الشعب الواحد.
ألف تحيةٍ لجيشنا البطل، الذي وقف كتفاً على كتف مع الناس، وكان له هذا الموقف الصلب الذي يشرِّف هذه المؤسسة الوطنية. 
فألف شكرٍ وكل محبة وتقدير لكم يا حماة الوطن وأبناءه…
***
… أما وقد نفَّذ الرئيس سعد الحريري ما وعد به، وتقدَّم باستقالته، فإن الأزمة دخلت منعطفاً جديداً وحاسماً. 
وفي الحقيقة، تحدّى الحريري كل السطوة لمنعه من الاستقالة. وربما أدرك أن الآتي بعد الاستقالة لن يكون أسوأ من وضع الاهتراء الحالي.
فالبلد على شفير المجهول، بكل المعاني السياسية والمالية والنقدية.
***
ولكي تؤتي الاستقالة ثمارها وتكون مدخلاً إلى الحلّ لا إلى تعقيدات وخيمة.  
الحلّ واضح للذين يريدونه. وبكل بساطة، على الرئيس ميشال عون أن يبدأ بتشكيل حكومة جديدة مصغَّرة، خلال ساعات، مؤلفة من ذوي الكفاءات والاختصاص المشهود لهم بالجدارة والخبرة ونظافة الكف.
وتكون هذه الحكومة برئاسة قاضٍ يمتلك القدرة على تنفيذ القوانين الخاصة باسترجاع الأموال المنهوبة من جيوب الشعب، على مدى سنوات وسنوات، وتمّ تهريبها إلى الخارج.
***
والآن... في المقلب الآخر: ماذا ستفعل الانتفاضة أمام هذا التحدّي؟ هل عليها أن تمضي وكأن الاستقالة لم تحصل، ويستمر المشهد الذي ساد الشارع في الأيام الأخيرة، أي مشهد المواجهات بين الانتفاضة على خلفية فتح الطرق أو إقفالها؟
وهذه الانتفاضة التي بدأت تعطي ثمارها، هل يجوز أن تُغرق عناوينها الكبيرة المحقّة في تفاصيل الخلافات حول فتح أو إقفال الطرقات؟
***
فلنقلها بمحبة وإخلاص.
إن إقفال الطرق سيؤدي إلى مزيد من الضغط على الاقتصاد المشلول أساساً، والذي يوشك على الانهيار.
وتذكَّروا: أهل الدولة بكل مؤسساتها تقاضوا رواتبهم بسلام على رغم إقفال المصارف. 
والأهم هو أن نوابنا ووزراءنا الكرام قد وصلت إليهم رواتبهم باكراً، وهم لن يجوعوا…
ولكن، في القطاع الخاص كيف سيقبضون رواتبهم ومصالحهم مقفلة. وهناك كثير من المنتفضين أيضاً، لا عمل لهم أساساً، ولا ينتظرون راتباً، وهذا لبّ انتفاضة الشعب.
فمنذ ثلاث سنوات، تقفل كل يوم شركات ومؤسسات عريقة ومصانع ومطاعم، وترتفع مستويات البطالة حتى بلغت حدوداً غير مسبوقة.
فماذا نستفيد إذا انهارت الدولة بالكامل، ودفعت كل ما بقي عندها من مدّخرات لموظفي القطاع العام و… "سكَّرت" بوجوهنا؟
من أين سيحصل هذا الكم من الناس على مصدر رزقٍ يعيش منه، على أقله تعليم أولاده... للهجرة!
***
كانت الحكومة المستقيلة عبارة عن مجموعة أشخاص، فيهم الكثير من المنتفعين وذوي المصالح الكبيرة والخاصة، ولا يتمتعون بالرؤية وقد قُدِّر لهم أن يتحكموا بالناس دون انسانية.
والانتفاضة في الشارع عليها أن تثبت أنها أكثر نضجاً وحكمةً وحرصاً على البلد وشعبه. ولذلك، الأمانة التي تحملها كبيرة وحسّاسة.
ولتكن لهؤلاء الشباب شجاعة الإقدام على المواقف التي تسهِّل الإنقاذ من الانهيار الكبير، كما كانت لهم شجاعة المواجهة في الساحات، على رغم كل التعدّيات التي تعرضوا لها. 
***
نأمل ونرجو من شباب الانتفاضة أخذ البلد إلى الهدوء والأمان وإبعاده عن مخاطر أي فتنة أهلية.
وما عليهم إلا أن يبعدوا المتطفلين العاملين على استغلال انتفاضتهم وجوعهم ليصنعوا لأنفسهم أمجاداً مزيفة أو مواقع باطلة... 
***
اليوم، بات البلد من دون حكومة. والمهمّ هو: ماذا سيكون يوم غد؟
والأصحّ هو السؤال: مَن هو "أم الصبي" في هذا البلد، ليأخذ الأمور على عاتقه ويقول: "أنا هنا، والحلّ عندي"!
في المشهد اللبناني، تبدو الكرة اليوم في بعبدا، وليست في أي مكان آخر. 
فليبادر الرئيس العماد ميشال عون إلى إدخال وزراء شرفاء كفوئين من اصحاب الاختصاص ولا لسياسيي الاحزاب في عملية الإنقاذ. إنها مهمة تاريخية.
المسألة يجب أن تكون محسوبة بالساعات لا بالأيام ولا بالأسابيع، لأن المهلة انتهت "من زمان".

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى