حينما يتعلّق الموضوع بالصيدليات، قد يخيّل للقارئ أنه سيقرأ مجدداً عن أزمة الدواء، لأنها باتت من المسلّمات في لبنان. إلا أن ما حدث مؤخراً في صميم مهنة الصيدلة، التي لم تكن يوماً مهنة فقط بل رسالة، دقّ ناقوس الخطر لأنه مسّ مباشرة بحياة المريض.
Advertisement
فالخبر الأبرز اليوم، هو انتحال أحد الرجال صفة صيدلاني، فوصف دواءً خاطئاً لمواطن في المنية، الأمر الذي أودى بحياته. على الأثر، تحرّكت نقابة الصيادلة على مستوى هئية التفتيش فيها وأقفلت الصيدلية في عكار وفتحت تحقيقاً في الحادث.
إلا أنه إلى أن حان وقت التحرك، كان "اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب". والأسوأ أنه لو لم يفارق هذا المواطن الحياة، لربّما كان الخبر قد مرّ مرور الكرام. إلا أنه حين تصبح الحياة لعبة بيد أي كان، فهنا يجب التحرك على المستويات كافة، كي لا تتكرر هذه الجريمة في سائر المناطق اللبنانية.
في هذا الإطار، أوضح نقيب الصيادلة جو سلّوم أن النقابة تجري تفتيشاً دورياً على الصيدليات كي يجري التأكد من شرعية الصيدلية والأدوية التي تباع فيها.
كما تحدّث سلّوم في حديث لـ"لبنان 24" عن الموظفين العاملين في الصيدليات وهم من الأجانب، على غرار السوريين والفلسطينيين، وقال: "كان لنا تحرّك بارز في هذا النطاق، لذا تحدّثنا مع محافظ بعلبك- الهرمل بشير خضر بالإضافة إلى أنا نسّقنا الموضوع مع وزير العمل في حكومة تصريف الأعمال لمنع عمالة من هو غير لبناني في مهنة الصيدلة".
وتابع: "الموضوع هنا لا يتعلّق فقط بالمضاربة على اليد العاملة اللبنانية، بل يتعدّاه إلى تعريض صحة المواطن إلى الخطر".
وشدد سلّوم على أن "المسؤولية الأساسية تقع على اللبناني الذي يوظّف أجنبياً في هكذا قطاع حسّاس"، مشيراً في الوقت عينه إلى أنه في بعض الحالات يكون التعدّي فاضحاً جداً مثل أن يؤسس أجنبي بذاته صيدلية ولا يكون هو بنفسه صيدلياً".
وعن الخطوات المتخذة من قبل النقابة لردع هذه التجاوزات، أشار سلّوم إلى أن العمل جارٍ على تكثيف التفتيش من خلال إعلام الجهات المختصّة فور رصد أي مخالفة في إطار حملة هدفها كشف الصيدليات غير الشرعية وكل شخص ينتحل صفة صيدلي.
كما تطرّق سلوم إلى "الصيدليات الـonline" التي يتمّ عبرها وصف أدوية وبيعها بعدما يقدم أيّاً كان من رواد مواقع التواصل الإجتماعي على "استشارة الكترونية"، فيقابل بوصفة لدواء من قبل أي كان، وفي أحسن الأحوال من قبل صيدلاني مزوّر.
من هنا، حذّر سلّوم من هذه الظاهرة المنتشرة والخطيرة قائلاً: "لا أحد يعلم كيف دخلت هذه الأدوية إلى لبنان ولا إذا ما كانت مزوّرة أو جرى التلاعب بتاريخ صلاحيتها".
ولفت إلى أن هناك أصولاً لصرف الدواء ووصفه، ويجب أن يتمّ ذلك حصراً على يد متخصّص بهذا الموضوع كي لا يتحوّل الدواء إلى إدمان على غرار أدوية الأعصاب، التي لها طريقة خاصة لوصفها.
مع الفساد المستشري، كثرت التعديات والتجاوزات في القطاعات الحيوية في لبنان. ولكن أن يصل الأمر إلى المسّ بحياة المواطن من أجل حفنة من المال في إحدى أسمى القطاعات، فهذا إن دلّ على شيء، فهو على أنه بالفعل ما من أمان على أي صعيد.