أخبار عاجلة
إطلاق نار غامض في جامعة براون والتحقيقات مستمرة -
اعتصام لأساتذة التعليم الرسمي في بعلبك -
“الأشغال” تشدد على الرقابة في صيانة الطرق -
أميركا تعلّق شراكة تكنولوجية مع بريطانيا -

حاضر ترامب ومستقبل إيفانكا.. اليكم آخر ما تنبأ به مسلسل سيمبسون

حاضر ترامب ومستقبل إيفانكا.. اليكم آخر ما تنبأ به مسلسل سيمبسون
حاضر ترامب ومستقبل إيفانكا.. اليكم آخر ما تنبأ به مسلسل سيمبسون

بين هفوات "هومر" وعبقرية "ليزا"، تتمايل نبوءات لا تعد ولا تحصى على أوتار السخرية في مسلسل "عائلة سيمبسون"، محوِّلةً هذه الكوميديا التلفزيونية إلى ما يشبه "عرافة العصر الحديث".

كيف استطاع هذا العمل، الذي يُصور بأسلوب ساخر حياة عائلة عادية في مدينة سبرينغفيلد الخيالية، أن يتحول عند البعض إلى نبوءة مبهرة تتجاوز أحيانا حدود الخيال لتلامس الواقع بطرق مثيرة للدهشة؟

ليس ذلك سوى جزء من لغز أكبر، حيث يلتقي النقد الاجتماعي اللاذع مع كوميديا المواقف الخالدة، ليرسما معا صورةً فريدة لم تكن في الحسبان عندما بدأ مشوار هذا العمل قبل أكثر من ثلاثة عقود.

منذ عرض حلقته الأولى في 17 كانون الاول 1989، لم يتردد المسلسل في خوض غمار قضايا شائكة وحساسة، من الجدل الدائر بين نظرية داروين ونظرية الخلق إلى الحركة النسوية، ومن حقوق حمل السلاح إلى تقنين المخدرات، وصولا إلى نقده اللاذع للتلفزيون نفسه وشبكة "فوكس" التي تبث حلقاته.

هذه الجرأة في تناول "المحظور" والمثير للجدل خلقت أرضية خصبة للمسلسل كي يلامس عن قصد أو غير قصد نقاط التوتر الكامنة في المجتمع، والتي تتحول لاحقا إلى أحداث كبرى تلفت الانتباه. لم يكن الهدف التنبؤ بالمستقبل، بل تشريح الحاضر وتفكيك تناقضاته، لكن هذا التشريح نفسه هو ما منح "عائلة سيمبسون" تلك الهالة الغامضة عندما بدأت بعض نكاته تتحقق على أرض الواقع بأشكال مذهلة.

تأملوا قائمة الأحداث التي ارتبط اسمها بالمسلسل، في عام 2000، تحدثت حلقة عن كون دونالد ترامب رئيسا سابقا للولايات المتحدة، وبعد ستة عشر عاماً فقط، أصبح ترامب رئيسا بالفعل. وفي عام 2010، رشحت حلقة الخبير الاقتصادي بينغت هولمستروم للفوز بجائزة نوبل، وهو ما تحقق في 2016.

كذلك، لم تغب الرياضة عن هذه القائمة. تناولت إحدى الحلقات الفساد داخل الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" وتحدثت عن فوز ألمانيا بكأس العالم، قبل أن تتفجر فضيحة الفيفا الشهيرة وتتوج ألمانيا بالبطولة في 2014.

حتى في عالم التكنولوجيا والترفيه، كان للمسلسل بصمته. في 1995 ظهر جهاز يشبه الساعات الذكية قبل سنوات طويلة من انتشارها التجاري، وفي 2009 تنبأ المسلسل بعرض فيلمي "حرب النجوم" و"ألفين والسناجب" في اليوم نفسه، وهو ما حدث لاحقا.

ربما يكون أكثر هذه الأمور إثارةً تلك المتعلقة بجائحة كورونا. في حلقة "مارج في الأغلال" من 1993، صور تفش لوباء إنفلونزا ينطلق من عاملين يابانيين في مصنع عصائر. ورغم اختلاف التفاصيل، فإن التشابه مع بدايات جائحة "كوفيد-19" في 2020 كان كافيا لجعل هذه الحلقة محطَّ دراسة أكاديمية في كتاب "دليل البحث في التحليل التاريخي للأوبئة والآثار الاجتماعية لجائحة كوفيد-19"، حيث أشار المؤلفون إلى أن مبتكري المسلسل صوروا جائحةً مشابهة في وقت مبكر جدا. هذه "التنبؤات" المتنوعة تدفع بسؤال إلى الواجهة: هل يمتلك كتاب المسلسل بالفعل قدرة خارقة، أم أن هناك تفسيرا آخر أكثر منطقية لهذه الظاهرة الغريبة؟

الإجابة الرسمية من داخل عالم سبرينغفيلد تأتي متواضعة وعملية. فكتّاب المسلسل ومدققو الحقائق فيه يَعزون معظم هذه الحالات إلى الصدفة الإحصائية البحتة، لا إلى أي قدرة خارقة. أحد الكتاب لخص الأمر بمقولة دقيقة: "إذا رميت عددا كافيا من السهام، فسيصيب بعضها الهدف".

مع إنتاج أكثر من 750، على مدار 36 عاما، حطم المسلسل الأرقام القياسية الأمريكية كأطول عمل كوميدي في وقت الذروة، وكل حلقة تحتوي على عشرات النكات والإشارات إلى أحداث عالمية ومحلية، فمن الحتمي إحصائيا أن يتطابق بعضها مع الواقع في وقت لاحق. الكم الهائل من المواد الساخرة الموزعة على ثلاثين موسما يجعل من العثور على نقاط تشابه مع أحداث حقيقية أمرا ممكنا، حتى لو كان ذلك بمحض الصدفة.

لكن قوة "عائلة سيمبسون" الحقيقية لا تكمن في هذه المصادفات العددية، بل في عمق منهجيتها النقدية. المسلسل لا يقدم نبوءات مستقبلية بقدر ما يقدم تشخيصاً دقيقا وساخرا للأمراض الاجتماعية والسياسية المزمنة. هو يسخر من طبيعة النظام السياسي الأمريكي القابل لإنتاج شخصيات مثل ترامب، ويسلط الضوء على هشاشة المنظمات الدولية الكبيرة مثل الفيفا أمام الفساد، ويتنبأ بمخاطر العولمة في نشر الأوبئة. هذا النقد الجوهري للهياكل والاتجاهات الثابتة هو ما يمنح عمله صفة "التنبؤية"، لأنه يلامس الجذور وليس الأعراض المؤقتة.

من المهم أيضاً ملاحظة أن المسلسل قدم "تنبؤات" متضاربة أو لم تتحقق بعد، ما يضعف فكرة كونه نصا خارقا. فبينما أظهرت حلقة "بارت في المستقبل" ليزا سيمبسون كأول رئيسة للولايات المتحدة، لفتت إشارة عابرة في حلقة أخرى إلى إمكانية تَولِّي إيفانكا ترامب الرئاسة في 2028. هذا التناقض يذكرنا بأننا أمام عمل فني هزلي يهدف إلى إثارة الفكر والضحك، وليس إلى تقديم جدول زمني دقيق للمستقبل.

في النهاية، يبقى السؤال: لماذا نصر نحن كمتفرجين على تحويل هذه السخرية إلى نبوءات؟ ربما لأن الإنسان، في عصرٍ تطغى عليه السرعة والتقلبات، يبحث بشكل غريزي عن أي إطار أو إشارة تساعده على استيعاب المجهول. وربما لأن "عائلة سيمبسون"، عبر سنواتها الطويلة، أصبحت مرآة ثقافية جماعية نرى من خلالها أنفسنا وعالمنا، حتى عندما تتحدث عن مستقبلنا.

لقد نجح المسلسل في اختراق وعينا ليس لأنه يتنبأ بالأحداث، بل لأنه يفهم بعمقٍ النبض الإنساني والاجتماعي الذي ينتجها.

هكذا، تظل العائلة الصفراء بعيونها الواسعة وتناقضاتها اللامتناهية هي العراف الأكثر مصداقية في زمننا، لا لأنه يرى الغيب، بل لأنه يرى بوضوح ما يخفي في كثير من الأحيان عن أنظارنا.

Advertisement

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بقيمة 2.27 مليون يوان صيني.. طفل يتلف تاجاً من الذهب
التالى برجك اليوم