القيصر 'يستوحي' من السلطان.. حاكمان لمدى الحياة!

القيصر 'يستوحي' من السلطان.. حاكمان لمدى الحياة!
القيصر 'يستوحي' من السلطان.. حاكمان لمدى الحياة!
لا يسعنا عند قراءة دعوة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إجراء تعديلات دستورية، أبرزها جعل مجلس الدولة وكالة حكومية رسمية منصوص عليها في الدستور، إلاّ تذكّر التعديلات الدستورية التي وسّعت صلاحيات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

بعد 3 أعوام من تحويل أردوغان نظام الحكم في البلاد من برلماني إلى رئاسي، خاطب بوتين الروس مشددا على "ضرورة أن تكون روسيا جمهورية رئاسية قوية وليس جمهورية برلمانية". نقاط التشابه بين مشروع القيصر والسلطان كثيرة: بالمختصر، يسعى الرئيسان إلى تشديد قبضتهما على مفاصل الحكم بعدما شهد تأثيرهما على المهشديْن الإقليمي والدولي تعاظماً ملحوظاً منذ اندلاع الحرب السورية في العام 2011، مقابل انحسار النفوذ الأميركي في المنطقة.


بوتين.. حاكم الروس بمناصب مختلفة

شكّل قرار بوتين مفاجأة بالنسبة إلى الروس، فهو يأتي قبل 4 سنوات من انتهاء ولايته الرئاسية (2024). وفي التفاصيل أنّ بوتين رسم شكل المرحلة من بعده، إذ اقترح إجراء تعديلات هيكلية في النظام السياسي القائم منذ ما يزيد على عقدَين. وبحسب محللين، يمكن ربط هذه التعديلات بنيّة بوتين اعتزال منصب الرئيس. ولا تمسّ هذه التعديلات بجوهر النظام الرئاسي، لكن من شأنها إضعاف السلطة الرئاسية لأيّ رئيس مقبل، في مقابل تعزيز صلاحيات البرلمان والحكومة ومجلس الدولة، عبر إعادة توزيع السلطة.

وذهبت بعض التحليلات إلى التركيز على حديث بوتين عن تكريس مكانة مجلس الدولة الروسي في الدستور (وهو عبارة عن هيئة استشارية لرئيس الدولة وتضم هذه الهيئة 85 عضوا من محافظين محليين ومسؤولين آخرين بمن فيهم قادة الأحزاب السياسية)، وإدراجه، ربّما، كذراعٍ للسلطة التنفيذية، يتولّى بوتين رئاسته. وكان بوتين قد أسس هذا المجلس بعدما تولى الرئاسة في 2000، وهو يضم حكام الأقاليم ورئيسي مجلسي النواب والشيوخ وزعماء الأحزاب الممثلة في البرلمان.
في تحليله، قال ألكساندر بونوف من مركز كارنيغي للدراسات الاستراتيجية: "بما أن بوتين بدأ النقاش حول مجلس الدولة، فهذا يعني أنه ربما يحاول إنشاء هيئة أخرى تتركز فيها السلطة، وبذلك يمكنه أن يتخطى منصب الرئيس".

ومِثْل أردوغان، دعا بوتين إلى طرح هذه التعديلات في استفتاء شعبي - هو الأول منذ الأخير الذي جرى في عام 1993 عندما تبنّت روسيا الدستور أثناء حكم بوريس يلتسين - لاتخاذ قرار نهائي بناءً على نتائجه، على رغم أن الدستور الروسي لا يشترط مثل هذا الإجراء. ولاحقاً، استبعد المتحدث الرسمي باسم بوتين، دميتري بيسكوف، إجراء استفتاء للموافقة على التعديلات الدستورية التي اقترحها. ونقلت صحيفة "فيدوموستي"، عن بيسكوف قوله، إنّه سيتم إجراء تصويت على التعديلات الدستورية في المؤسسات الدستورية ذات الصلة. وقالت الصحيفة: "شرح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أنّ هذا ليس استفتاء، لكنّه تصويت على هذه التعديلات، سيتمّ تحديد إجرائه وشروطه بموجب مرسوم رئاسي" يصدر قريباً.

وحدّد بوتين الشروط الواجب توفّرها لدى مَن يتولّى عدداً من المناصب الحكومية ومنها منصب الرئاسة، ملغياً كلمة "متتاليتين" من الفقرة الخاصة بعدد الولايات الرئاسية التي أتاحت له العودة إلى الكرملين لولايتين إضافيتين في عام 2012 بعدما شغل منصب رئيس الوزراء؛ في تركيا، لا يحق للشخصية نفسها أن تتولى منصب الرئاسة أكثر من مرتين، بموجب التعديلات الجديدة.

ومن شأن الإصلاحات المُقترحة إضعاف سلطات الرئاسة، في مقابل تعزيز سلطات البرلمان مع الحفاظ على الطابع الرئاسي للنظام السياسي الذي يقوده بوتين منذ عشرين عاماً. ويهدف الإجراء الرئيسي المعلَن إلى تعزيز دور البرلمان في تأليف الحكومة عبر منحه صلاحية اختيار رئيسها وفريقها الوزاري، بما لا يدعُ مجالاً أمام الرئيس لرفضها. وبدت لافتةً إشارة بوتين إلى "الارتقاء" بدور ومكانة البرلمان الروسي والأحزاب، و"استقلالية" رئيس الوزراء وجميع أعضاء حكومته، بما "يزيد من فاعلية التنسيق بين ممثّلي السلطتين التشريعية والتنفيذية". في الوقت ذاته، شدّد على الإبقاء على النظام الرئاسي وصلاحيات الرئيس في قيادة الجيش والأمن وجميع هيئات أنظمة إنفاذ القانون، وتحديد مهام وأولويات الحكومة، إضافةً إلى حقّه في إقالتها، وإقالة قضاة المحكمتَين العليا والدستورية. وتنصّ الاقتراحات على توسيع صلاحيات حكام الأقاليم وتثبيت صفة ودور مجلس الدولة الذي يضمّهم على المستوى الدستوري، وتشديد شروط الإقامة للمرشّحين للرئاسة.

أردوغان: أنا السلطان هنا!

فاز أردوغان وحزب "العدالة والتنمية" في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي جرت يوم 24 حزيران 2018 ودخل النظام الرئاسي الذي تم التصويت عليه أواسط عام 2017 حيز التنفيذ. وتضع التعديلات الجديدة السلطة التنفيذية في يد رئيس الجمهورية وتعزز من صلاحياته على حساب منصب رئيس الوزراء الذي تم إلغاؤه.

وفي ما يلي أبرز صلاحيات رئيس الجمهورية التركية وفق التعديلات الجديدة:

• رئيس الدولة يتولى الصلاحيات التنفيذية وقيادة الجيش، ويحق له تعيين نوابه والوزراء وإقالتهم.
• يعرض الرئيس القوانين المتعلقة بتعديل الدستور على استفتاء شعبي في حال رآها ضرورية.
• يُلغى مجلس الوزراء، ويتولى الرئيس مهام وصلاحيات السلطة التنفيذية بما يتناسب مع الدستور.
• ولاية رئيس الدولة خمس سنوات، ولا يحق للشخص أن يتولى منصب الرئاسة أكثر من مرتين.
• عدم قطع رئيس الدولة صلته بحزبه.
• رئيس الدولة يعرض الميزانية العامة على البرلمان.

ووفقا للتعديلات الجديدة ستكون صلاحيات البرلمان كما يلي:

• يستخدم البرلمان صلاحيته في الرقابة والتفتيش والحصول على معلومات عبر "تقص برلماني"، أو "اجتماع عام"، أو "تحقيق برلماني"، أو "سؤال خطي".

• يحق للبرلمان طلب فتح تحقيق بحق رئيس الدولة ونوابه والوزراء، ولا يحق للرئيس في هذه الحالة الدعوة إلى انتخابات عامة.

• يمكن للبرلمان اتخاذ قرار بإجراء انتخابات جديدة بموافقة ثلاثة أخماس مجموع عدد النواب.

وتنص التعديلات الجديدة أيضا على إجراء الانتخابات الرئاسية والعامة في يوم واحد كل خمسة أعوام، هو ما يعني أن أردوغان بإمكانه البقاء نظريا في منصبه حتى عام 2029.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى القطب الشمالي: نزاع جديد تتفوق فيه موسكو على واشنطن